اعتبره تشوهاً في النص الأصلي الكاتب والمترجم خالد جميل محمد لـ(ملحق المدى): «غوغل» كارثة المترجمين

حوار/ خالد محمد

تصنف العديد من الفنون والآداب على أساس مواهبها، مثل الشعر الرواية والمسرحية والقصة، لكن هناك موهبة فريدة يتصف بها أناس محدودون، بينما يتنافس معهم الطارئون تحت مسمى «مترجمين»، فالترجمة بحد ذاتها فن قائم على الموهبة فضلا عن العلوم المعرفية وهي مهمة جدا وخطيرة، ولها من المسؤولية الأدبية ما يقابلها من الفنون الأخرى، حيث كان الخليفة العباسي (المأمون) يزنُ الكتاب المترجم ذهباً ويهديه له، وهذا يدلل على أهمية الترجمة.

للترجمة شروطها

وللحديث عن إشكاليات وعقبات الترجمة وما يواجه المترجمين في عملية الترجمة من لغة الى لغة أخرى، التقينا بالكاتب الكردي خالد جميل محمد المتخصص في مجال الدراسات الأدبية واللغوية والذي تحدث لـ(ملحق المدى) قائلا: إن «الاشكالية الأولى التي تواجه الترجمة والمترجمين في مجال اللغتين العربية والكردية هي الجانب اللغوي، المشكلة الأساسية والعقبة الأساسية هي مسألة اللغة، وما اقصده بهذا الكلام، هو ان معظم العاملين بهذا المجال اما انهم لا يجيدون اللغتين بشكل جيد، او ان لديهم ضعف واضح اما في اللغة العربية او اللغة الكردية، او ان احدهم يجيد اللغة الكردية ولا يجيد اللغة العربية او العكس، وهذه المسألة تنعكس سلبا على عملية الترجمة، وكيف يتمثل هذا الامر، مثلا كمترجم يترجم نصا كرديا ويتقن اللغة الكردية، وعندما يأتي لينقل هذا النص الى اللغة العربية، وتكون لغته العربية ضعيفة او فيها خلل واضح فالترجمة تتأثر بشكل واضح، وكذلك عندما يكون ضعيفا باللغة الكردية، يجيد ويتقن اللغة العربية وإيجاد المعادل الترجمي لنص المصدر الى نص الهدف وستكون هنالك مشكلة، لذلك أقول ان مسألة الترجمة هي ذات صلة وثيقة بمسألة اللغة، فالترجمة هي مسألة نقل نص من لغة الى لغة، مع توافر شروط جماليات وخصوصيات النص المترجم من النص الأصلي والحفاظ على جماليات النص المترجم اليه، وهذه المسألة نجدها في اغلب المواضيع ومن بينها الرواية والقصة والشعر او حتى ترجمة الدراسات والأبحاث، حيث تعتبر من المشكلات الخطيرة جدا».

المنافسون و»غوغل»

وحول الامور التي نحن بحاجة اليها لتذليل العقبات امام الترجمة والمترجمين يؤكد محمد، ان «تذليل العقبات والمشكلات امام الترجمة هي بحاجة الى مؤسسات جادة وصارمة، وكذلك الى الدور الإيجابي الذي ينبغي ان تتخذه وتؤديه دور النشر والمؤسسات الثقافية، وهي غير متوفرة عندنا، المسألة فقط هي عملية الطباعة، وانا مطلع تماما على كثير من الترجمات للأسف اننا نجد ان كثيرا من المترجمين يعتمدون ترجمة «غوغل»، منها الكردية السورانية والكرمانجية، وهناك نصوص كثيرة قوت بتدقيقها والاطلاع عليها، والكثير من الروايات والنصوص الشعرية المترجمة الى اللغة الكردية، او الى العربية، مع الأسف المترجمون يترجمونها عن طريق محرك البحث «غوغل»، وهذه ليست مشكلة فقط بل كارثة، لان المستوى المجازي هو شرط أساسي في الترجمة، واجادة نقل النص من لغة الى لغة، المترجم اذا ترجم بكفاءته من المصدر الى الهدف، غير ان تقوم عملية آلية مثل «غوغل»، فهو لا يستطيع ان يميز بين المعاني المجازية والمعاني الحقيقة، أحيانا هنالك مفردة تستخدم في موضع تختلف عن المعني المجازي الذي يستخدمها الروائي، بينما يحدث خلط بين أسماء الشخصيات في الروايات، ويحصل تشوه للنص الأصلي، وهذه مشكلة كبيرة، فالكثير من الروايات التي قرأتها لم افهم منها شيئا، لان المترجم لم يترجم ترجمة حقيقية، وتذليل هذه العملية مهمة أساسية تقع على عاتق دور النشر». مشيرا الى، انه «يجب ان تكون دور النشر صارمة في هذه المسألة، فهي ليست عملية جمع أوراق ورصف أوراق وطباعتها ومن ثم بيعيها، وهي مسألة أخلاقية أيضا، وانا بصفتي مترجما علي ان اتمتع بسمات وصفات أخلاقية، وان لا اخدع القارئ او ان ارصف الكلمات في كتاب لان المخزون المفرداتي والمعجمي غير كافي، اذ يجب ان يمتلك المترجم ثراء في المفردات». منوها على، ان «المسألة تحتاج الى شروط ومعرفة علم الترجمة والية الترجمة وفن الترجمة وبكل تأكيد اتقان اللغتين، وان يكون الاتقان اتقانا تاما وجيدا، بحيث يكون الاستخدام من حيث الاستخدام المجازي والحقيقي والمستوى الصرفي والمستوى الدلالي والمستوى البلاغي، وينقل هذا النص بالثقافة العامة والسياق التاريخي، فيما هناك العديد من المسائل للأسف لا تجد هذه الظروف متوافرة في الترجمات المتداولة حاليا، الا نادرا جدا».

دعم الثقافة والمثقف

وحول وجود هكذا نشاطات وفعاليات ولقاءات ثقافية وفكرية تسهم في تذليل الصعاب والتحديات امام الترجمة والمترجمين يضيف جميل قائلا: إن «هذه التجمعات واللقاءات العلمية والثقافية والأدبية لها دور أساسي وكبير جدا، ونتمنى ان تكون هنالك نشاطات أوسع واكبر، اذ ان معرض أربيل الدولي للكتاب منبر ثقافي مهم جدا، وهذه الأنشطة الموازية والمصاحبة لعملية نشر وتوزيع الكتب لها دور وتأثير إيجابي كبير في عملية دعم الثقافة الحقيقة، والى جانب العناوين الزائفة التي نجدها هناك عناوين جيدة، وهذه الأنشطة مثل معرض أربيل الدولي ووسائل الاعلام هي جهود فعلا لا بد ان تشكر كثيرا ويثنى عليها، فهي  تعطي إمكانية اكتشاف المواهب الحقيقة فضلا عن الكفاءات الجادة وإظهار غير الجادة والضعيفة».

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

Scroll to Top