الأمطار لم تمنع الزوار.. إقبال لافت على معرض أربيل الدولي للكتاب


أربيل / نور عبدالقادر

رغم غزارة الأمطار التي غمرت شوارع مدينة أربيل صباح يوم أمس، شهد اليوم السابع من معرض أربيل الدولي للكتاب في دورته السابعة عشرة إقبالًا كبيرًا من الزوّار من مختلف الفئات العمرية. وكأنّ الحضور كان على موعدٍ مع المعرفة، لا يؤجّله الطقس ولا تعيقه تقلبات السماء. مشهد ثقافي قلّ نظيره، حيث اختلطت رائحة الكتب بصوت زخات المطر، لتصنع لوحة من الجمال الطبيعي والثراء الثقافي.

منذ ساعات الصباح الأولى، توافدت أعداد كبيرة من الزوّار إلى قاعة المعرض التي فتحت أبوابها رغم التحذيرات الجوية. المظلات ملأت المكان، والعيون كانت تتجه بشوق إلى رفوف الكتب. وعلى الرغم من غرق بعض الشوارع المؤدية إلى موقع الفعالية، لم يمنع ذلك عشاق القراءة من الحضور.

چرا، فتاة كُوردية من أربيل، عبّرت لـ(ملحق المدى) عن سعادتها قائلة: «جئت مع والدي لأنني أحب هذه الأجواء، خاصة أجواء المطر والكتب. فهو عالم آخر نبحث عنه نحن القرّاء. وكأن صوت المطر يشكّل إيقاعًا متناغمًا مع أجواء المعرض. هذا العام، تفاجأت بكثافة الحضور، خصوصًا من طلبة المدارس، وكأنهم يتحدّون الطقس من أجل العلم والمعرفة، وهو مؤشر إيجابي على تنامي الوعي لدى المجتمع. أن ترى طفلًا صغيرًا يقرأ، أمر يثير الدهشة، لأنه مشهد نادر رغم أهميته. القراءة توسّع المدارك، وتنمّي الوعي والإبداع، وتساعد الأطفال على الاجتهاد. الثقافة عالم جميل يستحق أن نعيش فيه».

أما بهزات، فتاة من السليمانية، فقالت: «الجو جميل، ونحن سعداء ونشعر بالفرح. عدد الزوّار كبير رغم الأمطار وازدحام الشوارع. ما لفت انتباهي هو الحضور الكثيف من مختلف المناطق، وازدياد عدد القرّاء من الشباب الذين يُحيون عادة القراءة. نحن في عصر متسارع، وإن لم نواكب هذا التسارع سنكون مجرد أجساد بلا روح».

يستضيف المعرض هذا العام أكثر من 300 دار نشر محلية وعربية وأجنبية، تعرض مئات الآلاف من العناوين في مختلف المجالات، من الرواية والشعر إلى الفكر والفلسفة وكتب الأطفال. ووفقًا للقائمين على المعرض، تشارك في الدورة الحالية دور نشر من مصر ولبنان وسوريا وإيران والسعودية والأردن وفلسطين وعُمان، إلى جانب حضور عراقي كثيف من المثقفين والكتّاب والقرّاء.

أحد المنظمين أوضح أن «التحضيرات كانت مرنة بما يكفي للتعامل مع هذه الأجواء. عملنا على تعديل المسارات وتوفير مداخل مهيأة، لكن الإقبال فاق التوقعات».

في أروقة المعرض، ترى أطفالًا يقرأون القصص في زوايا مخصصة، وشبابًا يبحثون عن أحدث الإصدارات، وكبارًا في السن يفتشون عن مؤلفات نادرة. حتى أصوات المطر على سطح القاعة أضفت إيقاعًا هادئًا كأنها خلفية موسيقية لمهرجان ثقافي حيّ.

إحدى دور النشر المشاركة صرّحت: «كنا نظن أن الأمطار ستؤثر، لكن المفاجأة أن الحضور كان كبيرا منذ الساعات الأولى. الناس متعطشون للقراءة».

كما تتضمن فعاليات المعرض ندوات فكرية، وأمسيات شعرية، وتواقيع كتب، مما يعزز من أهمية الحدث كمحطة سنوية بارزة في المشهد الثقافي العراقي.

ومع اليوم السابع، يؤكّد المعرض أن شغف القراءة لا يُهزم، وأن الثقافة ما زالت تنبض في قلوب الناس، مهما اشتدت الأمطار.

Scroll to Top