الإعلام في العراق بين التأثير والتأثر.. ندوة تناقش التحديات الحالية!

أربيل / تبارك عبد المجيد

ناقش معرض أربيل الدولي للكتاب في نسخته السابعة عشرة دور الإعلام العراقي، وذلك خلال ندوة حملت عنوان “الإعلام في العراق.. جدوى التأثير والتأثر”. استضافت الندوة الإعلامي أ. نبيل جاسم، المدير العام لقناة دجلة، والكاتب والإعلامي أ. أحمد الزاويتي، المدير العام لمؤسسة كردستان 24، وأدارت الحوار الإعلامية السيدة تيما رضا، التي قادت النقاش بأسئلة محورية حول طبيعة الإعلام في العراق وتحدياته المتعددة.

“في بلد تحمل فيه السياسة أوجاع التاريخ، وتتمخض أرضه بتدخلات الخارج فتلد اضطرابات لا تنتهي، وفي مشهد تتسارع فيه الأحداث وتتزاحم الروايات، يجد الإعلام نفسه في اختبار دائم: هل هو فاعل أم مفعول به؟ هل هو موجِّه أم موجه؟ هل هو بوق للسلطة أم صوت مؤثر؟ وما حدود تأثيره؟”، بهذه الكلمات افتتحت ميسرة الجلسة، الإعلامية تيما رضا، حديثها في ندوة “الإعلام في العراق.. جدوى التأثير والتأثر”.

بمن يـتأثر الاعلام العراقي قبل أن يكون مؤثراً؟

يقول د. نبيل جاسم: “الإعلام العراقي يشبه السياسة في العراق؛ هموم كبيرة وتاريخ طويل حافل بالتعثر والألم”. وأضاف معبرا عن أسفه: “قبل أن نتحدث عن التأثير والتأثر وجدوى الإعلام، يجب أن نعود إلى جذور المشكلة الإعلامية في العراق”.

حيث عاد جاسم بالحديث إلى ما بعد عام 2003، حيث كانت التوقعات تشير إلى تغييرات سياسية وإعلامية جذرية تختلف تمامًا عما شهدناه، قائلاً: “كان يُعتقد أن هناك تحولات سياسية وإعلامية كبيرة، ولكن الواقع كان مغايرا تماما”.

وأضاف: “العملية الديمقراطية لا تتمثل فقط في صناديق الاقتراع وتغيير الوجوه في المشهد السياسي، بل إن عصب الديمقراطية يكمن في حرية التعبير وحرية الصحافة. ولا شك أننا عاصرنا إعلامًا في بيئة شمولية لمدة عقود”.

وأكد جاسم أن الصحافة لا تزال “تجلس في حضن السلطة”، حيث لا تزال “هيمنة السلطة تحاول استغلال الصحافة العراقية”. وأشار إلى أنه كان من المفترض أن يكون هناك “عقد سياسي يتفق عليه الجميع، تقوم السلطة السياسية من خلاله بمنح الصحافة حريتها لتقوم بواجبها”، لكن الواقع أظهر “إعادة نفس آليات الدكتاتورية الشمولية”.

وتحدث الإعلامي أ. أحمد الزاويتي عن أسباب أهمية عنوان الجلسة، قائلاً: “من خلال هذا العنوان، نتطرق إلى مجموعة من النقاط المهمة. الإعلام العراقي، بما فيه إعلام كوردستان، يمر بمنعطف تاريخي حاسم. نحن جزء من هذا الإعلام الذي يتعرض لضغوط سياسية، أمنية، واقتصادية تزداد يوماً بعد يوم. هناك أيضاً تطور ملحوظ في أنواع المؤسسات الإعلامية وأدواتها، لكن في المقابل، هناك تراجع واضح في ثقة المواطن بهذه المؤسسات الإعلامية”.

وأضاف: “اليوم، أصبح المواطن من خلال هاتفه الذكي قادرا على تأسيس خطابات جديدة، وخلق مؤسسات إعلامية، بل يمكنه أن يكون مؤثرا أكثر من قناة فضائية. ومع تزايد هذه الوسائل، نجد أن فقدان الثقة في الإعلام التقليدي أصبح أكبر”.

عاد الحديث إلى الدكتور نبيل جاسم، الذي وصف الإعلام العراقي بالإعلام السلبي، مستذكراً حادث مقتل الشاب المهندس الذي توفي في المعتقل نتيجة التعذيب قبل اسبوع، حيث أكد قائلاً: “حتى هذه اللحظة، لم تظهر أي وسيلة إعلامية تروي ما حدث بوضوح”.

وعزا وصفه للإعلام العراقي بالسلبي إلى “عدم احترافيته، على الرغم من وجود إمكانيات تدريبية عالية للخامات الإعلامية، بالإضافة إلى غباء رأس المال، سواء كان اقتصاديا أو سياسيا”. وأوضح جاسم أن “الكثير من الصحفيين المحترفين يعملون في مؤسسات إعلامية لا يقتنعون بخطاباتها السياسية”.

كما أشار إلى “وجود قواعد أساسية لا ينبغي لأي مؤسسة إعلامية تجاوزها، مثل الموضوعية، الشفافية، والمصداقية، والتوازن”.

من جانبه، قال الزويني: “هناك العديد ممن حالات القتل التي تحدث تعود الى تصفيات سياسية أو حالات اجتماعية، وتغطياتنا الإعلامية في العراق تشجع على ذلك”. وأضاف أنه في مؤسسته، “نحرص على عدم التطرق إلى هذه الحالات إلا من خلال مؤسسات رسمية”.

كما أكد الزويني أن “المشكلة تكمن في كثرة المؤسسات الإعلامية، مما يخلق إطارا مفتوحا بلا حدود. في العراق، لا يوجد نظام يسيطر، بل هناك مجموعة من الأحزاب، كل حزب يرى نفسه نظاما، وبالتالي هناك مجموعة من الأنظمة التي تتحكم بالإعلام العراقي”.

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

Scroll to Top