
أربيل / علي زيتو
ضمن فعاليات معرض أربيل الدولي للكتاب في دورته السابعة عشرة، نُظّمت ندوة فكرية مهمة حملت عنوان “الثقافة بعد ظهور الذكاء الاصطناعي”، شارك فيها كل من الأكاديمية د. نهلة محمد سعيد، والباحث سركوت رسول، بحضور نخبة من الأساتذة والمهتمين بالشأن الثقافي والتقني.
الندوة تناولت التأثيرات العميقة التي بدأت تفرضها تقنيات الذكاء الاصطناعي على البنية الثقافية، وأساليب الإنتاج الإبداعي، وطرائق التلقي والتفكير.
في مداخلتها، أكدت د. نهلة محمد سعيد أن الذكاء الاصطناعي لا ينبغي أن يُنظر إليه كخطر مباشر على الثقافة، بل كعامل تحوّل يتطلب استيعابًا ونقدًا ومشاركة فعّالة من المثقفين والأكاديميين.
وقالت: “الثقافة اليوم لم تَعُد حكرًا على النخب، بل دخلت مرحلة التفاعل الخوارزمي؛ فالأدب، والفن، والتعليم باتت أدوات الذكاء الاصطناعي تشارك في إنتاجها وتحليلها”.
وأضافت: “بدلاً من الخوف، علينا التفكير في كيفية توظيف هذه التقنية لتعزيز الإبداع والبحث، خاصة في مجتمعٍ يتطلّع إلى تجاوز الفجوة المعرفية”.
أما الباحث سركوت رسول فقد تناول الجانب القيمي والمعرفي في العلاقة بين الثقافة والذكاء الاصطناعي، مشيرًا إلى أن الإبداع الثقافي مهدّد بسطوة السرعة والتكرار التي تفرضها الخوارزميات.
وأوضح في كلمته: “المشكلة لا تكمن فقط في إنتاج النصوص أو الصور عبر الذكاء الاصطناعي، بل في خطر تراجع الحسّ النقدي، وتحوّل الثقافة إلى منتج استهلاكي سريع ومفرغ من العمق”.
وتابع: “علينا ككتّاب وباحثين أن نعيد التفكير في دور الإنسان داخل العملية الإبداعية، وفي مسؤوليتنا تجاه الأجيال القادمة التي ستنشأ في ظل هذا التحوّل”.
شهدت الندوة تفاعلًا كبيرًا من الحضور، حيث طُرحت أسئلة تتعلق بتأثير الذكاء الاصطناعي على مستقبل الصحافة، والتعليم، والإنتاج الأدبي، كما أبدى العديد من الحاضرين اهتمامًا بإيجاد آليات رقابية وأخلاقية لاستخدام هذه التكنولوجيا في الحقل الثقافي.
ندوة “الثقافة بعد ظهور الذكاء الاصطناعي” في معرض أربيل الدولي للكتاب جاءت لتفتح حوارًا ضروريًا حول مستقبل الثقافة في عصر الرقمنة والتقنيات المتقدمة. وفي ظل التحوّلات الجذرية التي يعيشها العالم، بدا واضحًا أن الثقافة الكوردية – والعراقية عمومًا – مطالبة بأن تكون حاضرة وواعية في معركة الوعي الجديدة.