أربيل / عامر مؤيد
تزداد مخاوف البعض من انحسار القراءة في المستقبل القريب لاسيما مع التطور التكنولوجي لكن هناك مَن يدحض ذلك ويؤكد ان هناك اجيالا قارئة تستمر في العراق.
الروائي ومدير النشر في دار المدى، علي بدر يتحدث لـ(ملحق المدى) الصادر تزامنا مع معرض اربيل الدولي للكتاب بنسخته السادسة عشرة، عن فعل القراءة وسوق الكتاب وايضا ما رآه في هذه النسخة من المعرض.
تحديات كبيرة أمام الكتاب
يقول بدر إن «حركة الكتاب في المعارض جيدة بشكل عام خاصة مع اقامة الكثير منها، وتأتي هذه الجودة رغم التحديات الكبيرة، فالكتاب اليوم ليس المصدر الوحيد للمعرفة فهناك مواقع السوشيال ميديا، وايضا اليوتيوب والغوغل، ففي السابق كان الكتاب هو المصدر الوحيد الذي تستمد منه المعرفة»، مبينا ان «التطور مهما وصل يبقى الكتاب مهما لمواكبة الحياة الثقافية والاجتماعية والسياسية غير ممكنة دون القراءة الكتبية المستمرة».
يعتقد بدر ان «الكتاب الورقي مازال صامداً، رغم التطورات، حيث يوجد هناك قراء كثيرون وهناك جيل جديد من القراء وهذا امر جيد وغير مسبوق على الاقل في الاجيال القليلة الماضية».
السوشيال ميديا وسعت أفق القراءة
يرى بدر الذي صدرت له الكثير من الروايات، ابرزها «بابا سارتر»، ان «السوشيال ميديا جعلت مفهوم القراءة يزداد، فالقراءة غير مقتصرة على الكتاب فقط فاليوم انت تقرأ من الصباح وحتى الليل بمجالات مختلفة وحتى مع امكانية تأثر القراءة بمصادر المعرفة المختلفة لكن فعل القراءة سيستمر بشكل كبير وواضح».
عن نوعية القراءة، لا يفضل بدر سوى القراءة الورقية، اذ يقول ان «الكتاب ممكن تحويله لاشكال جديدة «بي دي اف» وغيرها، ومع هذا الورقي لا يعوض، فمثلا على البحر يجب ان تقرأ بالكتاب، بالامكان طويه، نقله بسهولة، كذلك هو لا يحتاج الى الشحن مثل التلفون او الحاسبة الشخصية التي تفقد الشحن وبالتالي يتوقف فعل القراءة على عكس الكتاب الورقي»، مؤكدا ان «الكتاب لن يختفي لكن يقل الاقبال عليه».
الإقبال الاكبر!
وبالحديث عن معرض اربيل الدولي للكتاب، يشخص بدر اهمية هذه النسخة من حيث الشراء، اذ يقول «لاحظت الاقبال الكبير على الشراء اكثر من اية دورة اخرى، فسابقا كانت اقل بسبب قلة الترجمات، ولكن اليوم اغلب الادب الغربي ترجم الى الكردية وايضا الادب العربي، والامر مستمر»، لافتا الى ان «القراءة العربية ايضا افضل من السابق، فوجدت مثقفين كُرد تحدثت معهم وقالوا انهم يستمتعون بالقراءة العربية رغم انهم يقرأون بالكردية ايضا».
تراجع قراءة الرواية أمام كتب السياسة !
وفي السؤال عن القراءة السائدة حاليا، يؤكد بدر ان «القراءات تتغير وتميل لجانب ما، ففي فترة ماضية صعدت الرواية واصبحت الكتاب الاول والاكثر قراءة والان تتراجع امام مجموعة من الكتب السياسية المحلية والمتعلقة بالشرق الاوسط وايضا الرواية العالمية تتراجع امام الرواية المحلية التي اصبح مبيعها اكثر، فالقارئ العراقي يميل الى قراءة النتاج المحلي اكثر من العربي والاجنبي وهذا يعود الى الثقة التي بُنيت مع الكاتب العراقي».
يشير بدر الى ان «الاساليب السردية في الرواية العراقية تطورت واصبحت هناك علاقة بين الكاتب والقارئ حقيقية مبنية على الواقع الذي يعيشه الطرفان واصبح الناس لديهم رغبة بمعرفة الواقع عبر الكتابة الروائية بدلا من الابحار في واقع اميركي، اوروبي او لاتيني، لذا نجد ان المقبلين على شراء الرواية المحلية اكثر».
توظيف السوشيال ميديا لمصلحة الكتاب
علي بدر وفي عمله كمدير للنشر في دار المدى، يؤكد اهمية استثمار السوشيال ميديا ويشير الى ان «الدار في طور عمل الكثير من الاشياء الجديدة منها تطوير قنوات التواصل «يوتيوب» لعرض الكتب، فضلا عن اقامة بودكاست مع الكتاب الناشرين ضمن الدار، وايجاد خطة تطويرية لعملية الترويج والثقافة بشكل عام» .
لا يوجد تقبل للرأي الآخر
عن ردود الفعل التي اثيرت بعد لقاء بدر في بودكاست «شي منسي» مع الاعلامي صلاح منسي، يقول بدر «لا يوجد تقبل للرأي الاخر فالسوشيال ميديا الان فيها مشكلة كبيرة فهي تأخذ اشياء سطحية وتجعل ردود الفعل عليها سطحية وهذه الردود تأخذ شكل التنمر بدلا من النقاش الجاد».
لن اتراجع في احاديثي، هذا ما قاله بدر، مضيفا «ماذكرته عن جيل الطبيبين اؤمن به لان الناس في الغالب تحن الى مرحلة سابقة وتنسى مآسيها والنقطة الثانية الناس في العشرينيات من العمر، تكون في قمة طاقتها ولما تصبح في مرحلة الشيخوخة يكون هناك حنين، ليس لان الفترة جيدة بل لوجود حنين لتلك الفترة الجسدية والعقلية والجنسية وهذا ما يؤثر عليهم».
يضيف «دائما البشر عبارة عن اجيال كل جيل جديد هو افضل من السابق لديه تطورات كثيرة منها عقلية وفكرية وما زلت عند قولي ان الجيل السابق انتج الدكتاتوريات وانتج اغاني حزينة».
تدريس الرواية في المناهج
يقترح بدر لاستمرار فعل القراءة أن يكون هناك تدريس للرواية في المدارس على غرار ما يحصل في اوروبا، هذا معمول به خاصة ما يتعلق بالرواية المحلية.
واضاف ان تدريس الادب يكون له دور كبير داخل المدرسة فلا يمكن استمرار فعل القراءة دون جعلها عن طريق التعليم مادة اساسية اي بمعنى هذا دور المدرسة وفرض القراءة على الطلاب ومحاولة تطويرها بالتنسيق بين الجامعة او المدرسة مع دور النشر.