الكتب الأكثر قراءة في الوقت الحالي: ماذا يقرأ الناس ومن الكاتب المُفضل لديهم؟

شهدت الساحة الثقافية خلال السنوات الأخيرة تحوّلًا واضحًا في اهتمامات القرّاء، حيث أصبحت الرواية هي الجنس الأدبي الأكثر جذبًا وانتشارًا، متجاوزة بذلك العديد من الأجناس الأدبية الأخرى مثل الشعر والمسرح وحتى المقالة، ويُعزى ذلك إلى قدرة الرواية على رسم عالم كامل بالأحداث والشخصيات، مما يُشبع خيال القارئ ويمنحه متعة العيش داخل القصة، متقمصًا دور البطل أحيانًا، أو مراقبًا للأحداث من بعيد.

في هذا السياق، تحدث الدكتور والكاتب بهنام عطالله في حوار صحفي مع (ملحق المدى) قائلًا: “الرواية لم تعد فقط نوعًا أدبيًا، بل أصبحت وسيلة جذب ثقافي ونفسي، حتى الشعراء المتقدمين باتوا يرون أن الرواية قد سبقتهم بأشواط”، ويرى أن الرواية اليوم تشكل وسيلة فعّالة في إيصال الرسائل الإنسانية والاجتماعية بعمق وسلاسة”، وأضاف: “هناك العديد من الشباب وحتى كبار السن يقرؤون الروايات، وأقول دومًا: اقرأ ما ترغب، المهم أن تقرأ”. لكنه عبّر عن أسفه من أن هناك من لا يقرأ حتى ورقة واحدة في السنة، معتبرًا ذلك مؤشرًا خطيرًا على تراجع الوعي الثقافي، كما أشار إلى أن وسائل التواصل الاجتماعي ساهمت تجاريًا في زيادة الإقبال على الكتب، لكنها في الوقت ذاته جعلت القراءة أحيانًا سطحية وسريعة، دون تعمّق حقيقي في النصوص.

من جانبها، تحدّثت الدكتورة نهلة كمال أسعد، الأستاذة في كلية الزراعة والغابات بجامعة كركوك، عن تجربتها القرائية الخاصة، مشيرة إلى أنها تميل لقراءة الكتب الدينية والعقائدية، لما فيها من رمزية وأسلوب مجازي سلس يسهل على القارئ فهمه وتطبيقه في حياته، وتقول إنها في الفترة الأخيرة وجدت في كتابات فخري كريم نموذجًا فكريًا متقدمًا، فهو كاتب استطاع أن يكون قريبًا من القارئ، بأسلوبه الواقعي وتحليلاته الاجتماعية العميقة، حيث سلط الضوء على قضايا تمس المجتمع وتؤثر فيه. كما تراه صاحب فكر ديمقراطي ساهم في تصحيح نظرة الإنسان المتطرف وتحويله إلى إنسان فاعل في بيئته.

ولم تخفِ إعجابها كذلك بالشاب هاشم شفيق، الذي رغم صغر سنه استطاع أن يأخذ القارئ في جولات فكرية وجغرافية عبر قارات العالم. وتقول إن من يرغب في السفر أو التعرف على الثقافات الأخرى، عليه أن يقرأ لهاشم، لأنه يقدم عالمًا زاخرًا بالصور والتجارب من خلال كلماته. أما الكتب الأجنبية، فرغم أهميتها الكبيرة، إلا أن بعض الترجمات تفقد روح النص الأصلي، مما يجعل القارئ العربي يعاني أحيانًا من غموض الفكرة وفقدان السياق.

وفي المحصلة، تؤكد هذه الآراء على أن الرواية اليوم هي نافذة للقارئ نحو العالم، وتبقى القراءة فعلًا مقاومًا للجهل والتعصب والانغلاق، ومع ازدياد التحديات المعاصرة، فإن الحاجة أصبحت ملحّة لتشجيع الناس على القراءة، ليس فقط للتسلية، بل كوسيلة لفهم الذات والآخر، وبناء مجتمعات أكثر وعيًا وانفتاحًا. كما قال الدكتور بهنام: “اقرأوا، اقرأوا، اقرأوا”، فالفكر لا ينمو إلا بالمعرفة، والمعرفة لا تُنال إلا بالقراءة.

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

Scroll to Top