
أربيل / تبارك عبد المجيد
ناقش مسرح الندوات في معرض أربيل الدولي للكتاب في نسخته السابعة عشر موضوع «العقل الجمعي» خلال جلسة حملت عنوان «اللغة والوعي الجمعي.. بين السيادة الثقافية والتأثير السلبي». أدار الجلسة أ. منذر عبد الحر، في حوار غني شهد حضور ضيفين بارزين؛ د. خالدة خليل، الكاتبة في مجال الأدب والقصة والرواية والتي لها نشاط سياسي ملحوظ، ود. محمد إحسان، الأكاديمي والسياسي والحقوقي.
قالت د. خالدة خليل: «موضوع اللغة من المواضيع الشائكة والمقدّرة جدًا، وهو حيوي ويُطرح في كل زمان ومكان. فالصراع السياسي اليوم كبير جدًا، ولغة الصراع تعتمد بشكل أساسي على المصطلحات».
وأضافت: «اللغة تطورت بشكل كبير؛ كانت في البداية مجرد أدوات للتوصيل من رموز وحروف، ثم أصبحت لها وظائف عدة تسهم في نقل الأفكار. وبالتالي، فإنها تؤثر بشكل عميق على الوعي الفردي للإنسان، وعلى نظرته لنفسه وللعالم من حوله».
وأشارت خليل إلى أن اللغة ليست مجرد أداة تواصل، بل إنها تشكل الوعي الجمعي لشعب معين أو منطقة محددة، ما يجعلها مرتبطة ارتباطًا وثيقًا بالعقل الجمعي. وأضافت: «اللغة تلعب دورًا كبيرًا في تشكيل الهوية الثقافية والسياسية، وهذا ما يفسر الاهتمام الكبير الذي نراه في الدراسات اللغوية على صعيدي الشرق والغرب».
وتابعت: «من خلال اللغة، تتطور المجتمعات وتتنوع المصطلحات التي تُستخدم في مختلف المجالات، بما في ذلك الصراعات السياسية. هذه المصطلحات تلعب دورًا كبيرًا في تفسير الإعلام وكيفية إدارة الصراع بين الأطراف المختلفة». وأشارت الى ما نمر به الان هو «حرب اللغة»، واستذكرت امثلة للتوضيح كيف تفسر الكلمات بشكل مختلف بين جهات متعددة الأطراف.
من جانبه، قال أ. د. محمد إحسان: «المصطلحات التي نستخدمها تعتمد بشكل كبير على النظرة السياسية، فالوعي الجمعي هو نتاج البيئة المحيطة بنا. هذا الوعي يتشكل من قيم ثابتة وأخرى متغيرة، واللغة هي إحدى الوسائل الأساسية للتواصل».
وأشار إحسان إلى أن هناك مجتمعات متطورة حيث يأخذ الوعي الجمعي دورًا كبيرًا في توجيه الأفراد نحو اتخاذ القرارات أو اتخاذ مواقف معينة دون تدخل مباشر من السلطة أو الأحزاب السياسية. وأضاف: «عندما يكون الوعي الجمعي متخلفا، فإنه يقود إلى أسلوب القطيع، حيث يمكن لأي شخص أن يوجهك إذا كان هو من يملك السيطرة على هذا الوعي». واستكمل قائلاً: «بالنسبة لي، نحن في حالة من الوعي الجمعي المتخلف».
كما أشار إلى بعض المصطلحات التي كانت تُستخدم في العراق والعالم العربي والتي اندثرت في العالم اليوم، مثل «الغزو الثقافي» و»النزعة الوطنية». وقال: «المفاهيم تتغير، ويجب أن نكون مستعدين لما هو قادم. هذه هي مشكلتنا؛ أننا لا نكون دائمًا جاهزين، ونحن كأكراد بطيئون جدًا في استيعاب التغيرات».
وأشار د. محمد إحسان إلى أنه «إذا أصبحت كوردستان دولة مستقلة، فإن اللغة الكوردية ستندثر، وسيتحدث 99 في المئة من سكانها باللغة الإنجليزية». وعلل ذلك بقوله: «الفكر القومي هو رد فعل دائم، فعندما يستخدم النظام القوة والتعريب، يزداد تمسك الشعوب بلغتها وهويتها». وأضاف إحسان أن «نحن أمام عالم متغير، والقيم التي تتغير في العقل الجمعي كبيرة جدًا، ولا أحد يستطيع التحكم فيها».
وتابع قائلاً: «يجب أن نتوقع أسوأ السيناريوهات، ولكن يجب أن نعمل من أجل تحقيق الأفضل في المستقبل».