المدى/ أربيل
في قلب مدينة السليمانية النابضة بالحياة، يقع متحف “الأمن الأحمر”، وهو معلم تاريخي يعود لفترة حكم النظام البعثي في كوردستان. يتميز المتحف بواجهته ذات اللون القرمزي المائل للأحمر، الذي يعكس الدماء المراقة والمعاناة التي شهدتها هذه المباني خلال فترة تواجدها كمقرات لتعذيب المناضلين الكورد ممن عارضوا نظام البعث.
يُطلق على متحف الأمن الأحمر الخاص بمديرية الامن، في اللغة الكوردية “مۆزەخانەی ئەمنە سوورەكە”، ويقع في مركز مدينة السليمانية، وقبل أن يكون متحفاً تراثياً وسياحياً، كان مَبنى لكلية الزراعة عام ١٩٧٩، ومن ثم أصبح مركز إدارة محلية، ليتحول بعدها إلى سجناً للمُعتقلين المناضلين، في زمن نظام الرئيس السابق صدام حسين.
وفي عام 1991 حُرر المَبنى في الإنتفاضة الشعبية عام ١٩٩١م وتحول إلى متحف يجسد صورا حية من خلال العديد من الأقسام التي تَشرح كيف عاش الشعب الكوردي هذه الحقبة، عاكساً أثار التعذيب والقَتل ووسائله، وهذا بعد أن كان مجرد ذكر اسمه مبعث رعب وخوف لدى الناس في العهد البائد.
ويشار إلى أن متحف “الأمن الأحمر” يدار من قبل الفنان التشكيلي الكوردي، ابو غريب، وتضم باحة المتحف إلى الآن الدبابات والآليات العسكرية التي أكلها الصدأ والمعطوبة إبان الانتفاضة على يد الثوار فضلاً عن فوارغ صواريخ وقذائف معروضة في جنبات الساحة وبعضها تم حشوها بالورود والأزهار فليس تفصيلا تحويل فوارغ قذائف وصواريخ الموت والقتل إلى مزهريات وأحواض ورد تنبض جمالا وسموا وسحرا.
بالإضافة إلى ذلك، يتضمن متحف الأمن الأحمر مجموعة من الأجنحة المختلفة التي توثق مختلف جوانب تاريخ كوردستان ومعاناة شعبها. يشمل ذلك متحف ضحايا حملات الأنفال المروعة، الذي يعرض أسماء وصور الضحايا وبعض أغراضهم الشخصية، بالإضافة إلى تصميم خريطة تحديد المناطق التي شهدت عمليات الإبادة الجماعية.
ويتضمن أيضًا متحفًا يوثق تضحيات الأفراد من قوات البيشمركة ووحدات حماية الشعب ووحدات حماية المرأة في كوردستان العراق وسوريا في مواجهة التنظيمات الإرهابية مثل داعش، مع عرض لأسماء وصور بعضهم وبعض أغراضهم الشخصية.
ويضم المتحف أيضًا جناحًا يوثق أضرار الألغام التي زرعها جيش صدام حسين على طول كوردستان، بالإضافة إلى صالة عرض فني ومقهى ثقافي للندوات والفعاليات الثقافية وقاعة سينمائية، مما يجعله مركزًا ثقافيًا شاملاً يوفر تجربة ثرية وتوثيقًا لتاريخ الإرهاب والمعاناة في المنطقة.
ويمثل تحول موقع كان سابقًا مسرحًا للعنف والقمع إلى متحف شامل ومنارة ثقافية وفنية ما يعكس قدرة الإنسان على التعافي والبناء رغم مرارة الماضي، ويوفر هذا التحول فرصة للزوار للاطلاع على تاريخ كوردستان والعراق بطريقة تفاعلية ومعمقة، ويسلط الضوء على معاناة الشعب الكوردي والعراقي تحت حكم البعث.
ويعد متحف الأمن الأحمر واحدا من الوجهات السياحية الرئيسية في كوردستان والتي لا تكتمل زيارة المنطقة دون زيارتها، وخاصة في السليمانية كونها عاصمة ثقافية.
يَفتح المَتحف أبوابه للزوار يومياً من الثامنة صباحاً وحتى الرابعة بعد الظهر. وفي عام 2014 تمت إضافة أقسام جديدة إلى المَتحف.