المفكر السوري هاشم صالح: نحن سائرون نحو التنوير في مواجهة الأصول والظلامية


اربيل / المدى

اقام معرض أربيل الدولي للكتاب ندوة حوارية بعنوان «التنوير في مواجهة الأصول والظلامية» ، ضمن نشاطات اليوم السادس، ناقش في الندوة المفكر والكاتب السوري د.هاشم صالح.

وقال : «برأيي نحن سائرون نحن التنوير، اي بمرحلة ما قبل التنوير ولكن وحتى ينتشر التنوير في عموم الشعب هذا يتطلب وقتاً، وهذا حتى على مستوى النُخب فالتنوير محصور جداً اذا ما اعتبرنا أن التنوير هو فعل وفن  جديد جداً للتراث الاسلامي، فهو عملية صعبة وصراع مع الذات،  مع ما تشربناه منذ نعومة اظفارنا وبالتالي في صراع مع العقلية التقليدية في أعماقنا.

واكد: إذن التنوير هو حصيلة هذا الصراع ما بين الفهم الجديد للإسلام والفهم التقليدي للقديم والراسخ الجذور ، بهذا المعنى لنقل ان مليار والنصف مليار مسلم يقفون على اباب وعتبات التنوير، لانه من المستحيل ان يستمر وضع التعليم التقليدي للدين وإن كان مسيطرا منذ آلاف السنين.

وأضاف: «مررنا سابقاً بمرحلتين في التنوير مرحلة العصر الذهبي اي القرون الستة الأولى من الإسلام، حيث كان النقاش بأمور الدين بكل حرية، اي إننا عشنا مرحلة التنوير هذه في العصور الذهبية بل وإننا صدّرناها الى أوروبا، نحن سبقناها في الدخول للتنوير إلى حين دخولنا في العصور المظلمة لمدة سبعمائة سنة ثم بعد ذلك بدأت المرحلة الثانية من التنوير في عصر النهضة نهايات القرن التاسع عشر».

واوضح صالح أنه ما كان سببا في انتصار الخطاب الأصولي والظلامي على التنوير بعد عصر النهضة، و بحسب رأي المفكر محمد عرجون هو ان «التنوير النهضوي محصور بالنُخب في المدن الكبرى، في العواصم، لم يتغلغل خارج نخب محدودة العدد، لم يتغلغل في الشعب الذي بقي خاضعاً لمواعظ الدين، بالتالي لم يستطع التنوير أن ينتصر لأنه كان قليل العدد في حين أن جماهير الأصوليين بالملايين، فان التنوير هو صيرورة طويلة لا تحدث في ليلة وضحاها هذه الجماهير لا تستطيع أن تتخلى عن عقليتها الدينية لاسيما في ظروفهم المعيشية الصعبة وانتشار الامية حتى، لذلك ينبغي أن نكون صبورين».

وأكمل: «الزمن الاصولي والظلامي له فائدة لأنك لا تستطيع ان تتجاوز الفكر الظلامي دون الدخول فيه وليس ان تقفز فوقه، وباستناد على نظرية هيغل بأنه: «لا يمكن تجاوز اي شيء دون المرور فيه»، اي لابد من المرور بكل تفجيرات الأصولية والظلامية وصولاً للتنوير، لان هذه التفجيرات أعطت حجة لأتباع التنوير بأنه توجد مشكلة ينبغي أن نواجهها وجهاً لوجه وهي المشكلة الظلامية والفهم الظلامي للإسلام».

وأوضح ان «الاسلام دين كبير وعظيم واحد الاديان الكبرى للبشرية وهو تراثنا المقدس ولكن هل نحن فعلا ندرسه دراسة علمية تاريخية فلسفية تنويرية مضيئة من الداخل مثلما فعل علماء اوروبا مع المسيحية؟  فالتراث الاسلامي بحاجة الى تطبيق المناهج العلمية والتاريخية والفلسفية عليه واضاءته من الداخل لكي نعرف ما هو هذا التراث وكيف تشكل».

ويختتم صالح حديثه بأنه: «ما سيدفع بالناس نحو التنوير هو استمرارهم بالتعليم بالتالي ارتفاع مستواهم المعرفي مما سيجعل لهم مصلحة في التنوير، في الفهم المستنير لدينهم وتراثهم فالتنوير، ليس ضد الدين ابداً،  بل ضد الفهم الظلامي والطائفي للدين وهذا الفرق، وبالتالي المشاكل الموجودة في مجتمعاتنا لا يُمكن حلها إلا من خلال الفهم المستنير للدين وهذا سوف يحصل ولكنها عملية صعبة لان الجماهير متعلقة بالفهم القديم للدين خصوصا و أن الفهم الظلامي مسيطر منذ اكثر من سبعمائة سنة، شيء مسيطر لسبعة قرون لا تستطيع ازاحته من الساحة بسهولة».

Scroll to Top