عامر مؤيد
يرتبط الاقتصاد، ارتباطاً وثيقاً بالحركة الثقافية فدون وجود المال لايمكن للكثير من الامور ان تسير منها حركة سوق الكتب وبيعها، وبالتأكيد فان القطاع العام والخاص تقع عليه مسؤولية كبيرة في دعم الثقافة بشتى انواعها.
نتحدث مع النائب السابق لمحافظ البنك المركزي د.احسان شمران الياسري عن هذا الامر، وكيف يمكن للقطاعين العام والخاص تطوير الثقافة، ويتحدث في بادئ الامر عن معرض اربيل للكتاب الذي كان احد ضيوفه قائلا «اشعر بوجود العافية».
التواجد الدولي في المعرض
يقول الياسري لـ(ملحق المدى)، ان «الانطباع الاولي الذي وجدته في معرض اربيل هو انطباع وجود العافية في العراق واربيل ويمكن التعبير عن هذا الوصف من خلال التواجد في معرض الكتاب، والتبضع؛ وهنا لا اقصد شراء الكتب فقط، بل النظر الى الكتاب، وايضا الشغف تجاه العناوين، معرفة ابرز الاصدارات الحديثة من دور النشر المشاركة، زخم دور النشر كلها دلالات على العافية»، مبينا انه «متفاجئ عندما شاهدت دار نشر مشاركة في هذه النسخة من المعرض وهي تنتمي الى دولة البوسنة والهرسك».
يبين الياسري ان «مشاركة دور نشر من دول مختلفة، مثل المانيا، انكلترا يعكس اهتمام المؤسسات الدولية الثقافية بالعراق ويعكس قدرة مؤسسة المدى للثقافة والاعلام والفنون على الاستقطاب واقناع الناس بوجود الامان الاجتماعي في مختلف المدن، ومحافظة اربيل اليوم وبهذا المعرض تمثل قبلة للثقافة والمثقفين والباحثين عن الكتاب والرفاهية الفكرية.
يشير الياسري الى جانب مهم من خلال مشاهدة الناس يتجولون في معرض الكتاب، وافترض وجود نسب كثيرة منهم، متلهفة للاطلاع على العناوين وشرائها وهذا امر جميل وجزء من نجاح سوق الكتاب، لافتاً الى ان «هناك جانبا مهما اخر، يتعلق بالندوات التي تحدث والتي كنت جزءا منها، حيث تُناقش الكثير من القضايا المهمة حيث ان الندوات تملك عناوين دسمة ومن خلالها يتحدث المتحدث في مجالات كثيرة، حيث ان لكل حاضر في معرض الكتاب اهتمام يختلف عن الاخر»، مؤكدا مناقشة موضوعات اجتماعية ، ثقافية، علمية ، سياسية ، رياضية فكرية وهذه مؤشرات ايجابية دون ادنى شك».
رواتب الإقليم .. أزمة عابرة
وفيما يخص ارتباط «ازمة» رواتب موظفي اقليم كردستان وكيف ينعكس ذلك على الحركة الثقافية وسوق الكتب تحديدا، يعتقد الياسري ان «ازمة رواتب الاقليم هي عابرة، والرواتب جزء من ضرورات الحياة سواء في اقليم كردستان او عموم محافظات العراق، صحيح انها تؤثر وتعطي انكماشا نفسيا للناس، حيث ان الاولويات تتغير، اذ تلجأ العائلة في الجانب الاساس لتوفير الخبز والمعيشة ودفع الايجار وتبدأ بقية الجوانب تصبح ثانوية جدا.
يكشف الياسري عن «وجود رغبة لدى الحكومتين «الاقليم والمركز» الى حل هذه القضية»، مبينا ان «اغلب المؤسسات توجد فيها مثل هذه المشاكل في تناول بعض القضايا، واكيد نتمنى انه مستحقات المواطنين تصل اليهم بالوقت المحدد دون تأخير، حيث نعلم ان مسالة توطين الرواتب كانت حجر عثرة والان هناك انفراج بهذا الجانب، اذ ان بعض مصارف الاقليم بدأت بهذا الجانب لتوطين رواتبهم وهي مسالة مهمة ونقطة انطلاق لحل هذه المشكلة».
الدولة هجينة اقتصادياً
عن كيفية التعاطي مع الجانب الاقتصادي بشكل عام، يرى الياسري ان «الدولة الان للاسف لا تزال هجينة، فالقوانين لاتزال قوانين اشتراكية والتطببيقات تحولت الى الاقتصاد الحر، فالدولة لاتزال تتدخل في بعض المفاصل المهمة بالاقتصاد وبعض مؤسساتها عاجزة عن تلبية هذه الاحتياجات مثل ازمة الكهرباء التي تشكل جانباً مهماً حياتياً وايضا فان ملف الكهرباء قاطرة تجر عشرات القطاعات خلفها، مثل الصناعة الزراعة وغيرها وحتى تدخل بالجانب الثقافي».
يضيف «نسمع الان وجود توجهات في الحكومة الاتحادية لوضع لَبنات بغية تعمير البنية التحتية الي كان من المفروض ان تتم في عام 2003 ولكن للاسف لعنة الفساد وتبديد الاموال وغياب الهوية لدى البعض ، بالاخص هوية المواطنة اخرت من حركة العمران وتطوير الاقتصاد لكن نأمل في حل هذا الامر».
يشخص الياسري قضية مهمة تتعلق بالسلوك الاقتصادي والاضطراب وفساد بعض الموظفين، ويعطي مثالا عن وزارة الثقافة التي يعتبرها فقيرة جدا، بينما يجب ان تكون لديها تخصيصات لدعم الفن والمثقفين وفي العام الواحد تأتي معونة للصحفيين والادباء ولكن المفروض ان يحظوا بالاهتمام ليس بعد مماتهم بل وهم احياء، حتى يكون لم مناخ اكبر ثقافيا وكذلك يزداد ولاءهم صوب الوطن.
علاقة القطاع الخاص بالثقافة والمثقفين
يتحدث النائب السابق للبنك المركزي عن القطاع الخاص ودوره في دعم الثقافة والمثقفين بشكل عام، ويقول «لديه اولويات غير اولويات القطاع الخاص في الكثير من الدول ، فالمثقف يموت ولا يستطيع ايجاد مؤسسة اقتصادية او مصرف او مصنع، تدعمه فالجميع يعرف ان الفنان فلان او المثقف فلان توفى لانه لايملك دواء او مأوى».
هذا الامر لم يمنع بعض المؤسسات من ان تقدم خدماتها الى الثقافة والمثقفين، اذ يؤكد الياسري ان «القطاع الخاص ساهم ببعض الاشارات، مثلا البنك المركزي ساهم بدعم الثقافة من خلال اموال المؤسسات المصرفية والمؤسسات المالية واسهم بالكثير من القضايا، في دعم مشاريع ثقافية، بناء صروح ثقافية، تعمير بعضها لكن تبقى مثل هذه المبادرات «ذاتية» فيجب من الكثير من المؤسسات المهمة ان تعطي اهمية مضاعفة للمثقف وليس الضرورة تقتصر على الذي يدفع الضريبة، فالمثقف يجب ان يحظى باهتمام مختلف والقطاع الخاص يقع على عاتقه بعض هذه الامور.