انطباعات الجمهور والمشاركين في اليوم السادس من المعرض


أربيل / نور عبدالقادر

في اليوم السادس من فعاليات معرض الكتاب الدولي، بدت اربيل وكأنها تحتضن العالم بين دفّتي كتاب. الزحام لم يكن فقط بشريًا، بل كان فكريًا وثقافيًا وإنسانيًا، إذ اجتمعت تحت سقف واحد أصوات متعددة، من مختلف اللغات واللهجات، لتقول شيئًا واحدًا: “الكتاب لا يزال حيًا”.

مع ساعات الصباح الأولى، بدأت الوفود بالتوافد إلى أرض المعرض من مختلف المحافظات العراقية، ومن دول عربية وأجنبية كذلك. تنوع الزوار يعكس عمق الأثر الذي يُحدثه هذا الحدث الثقافي في نفوس الناس، فالبعض جاء باحثًا عن عناوين نادرة، والبعض الآخر جاء فقط ليستعيد إحساسًا قديمًا بالرائحة الورقية، أو ليمشي وسط رفوف الحروف وكأنها غابة من المعاني.

الزحام كان لافتًا، خاصة عند الأجنحة التي تمثل دور نشر شهيرة أو مؤلفين معروفين، ومع ذلك، لم يكن الاهتمام محصورًا بالرواية أو الأدب فقط، بل تعداه إلى الكتب الفكرية، والتاريخية، والدينية، والتنموية، وكتب الأطفال التي شهدت حضورًا لافتًا من العائلات.

يقول علي، وهو موظف حكومي جاء من محافظة الأنبار: “المعرض حدث سنوي أنتظره بفارغ الصبر. الكتب هنا ليست فقط مصدرًا للمعرفة، بل مساحة للراحة، للهروب المؤقت من ضغوط الحياة”. وأضاف: “لاحظت هذا العام حضورًا أكبر، وتنظيمًا أفضل، وأتمنى أن يستمر هذا الزخم في السنوات القادمة”.

ما يميز هذا العام هو الحضور الواسع لدور النشر الأجنبية والعربية، من لبنان ومصر وسوريا والإمارات والاردن وفلسطين، وحتى من إيران والسعودية. هذه المشاركة فتحت المجال أمام القارئ العراقي ليطّلع على إصدارات جديدة قد لا تتوفر محليًا، ولتعزيز روح الانفتاح على تجارب فكرية مختلفة.

تقول “صوفي”، ممثلة دار نشر مشاركة لأول مرة: “أدهشني حجم الحضور، ودهشتي كانت أكبر حين لاحظت إقبال الزوار على الكتب المترجمة. العراق بلد يحب الثقافة بحق”.

خلال جولة في المعرض، كان لافتًا تفاعل الزائرين مع فعاليات توقيع الكتب، والندوات الحوارية التي تستضيف كُتابًا محليين وعربًا. وتقول رشا حسين، طالبة جامعية: “حضرت اليوم ندوة عن الشمول المالي، وكان النقاش عميقًا ومفيدًا. المعرض ليس فقط لشراء الكتب، بل هو منصة فكرية مهمة”.

أما أحمد سامي، وهو والد لطفلين، فقال: “أصطحب أولادي كل عام لهذا المعرض. أريد أن يعتادوا على الكتاب منذ الصغر. هناك جناح خاص بكتب الأطفال، وجناح مخصص للألعاب والقراءة، وهذا أمر رائع”.

دور النشر المشاركة عبرت عن رضاها، ليس فقط عن حجم الإقبال، بل عن نوعية الأسئلة والملاحظات التي يطرحها الزائرون. يقول أحد الناشرين من بيروت: “جمهور العراق قارئ بامتياز، يسأل عن المؤلف، عن الترجمة، عن الطبعة. ليسوا مجرد مشترين عشوائيين، بل قرّاء حقيقيين”.

يبقى الإحساس العام أن الكتاب لم يفقد مكانته، بل ربما عاد بقوة في زمن تتسارع فيه التكنولوجيا وتتناقص فيه المساحات الحميمة. معرض الكتاب الدولي لهذا العام ليس مجرد حدث ثقافي، بل هو استعادة لصوت العقل، وفرصة للقاء لا يتكرر كثيرًا بين القارئ والكاتب، بين الإنسان والمعنى.

Scroll to Top