بعد عشرة أيام من الحراك الثقافي المتواصل ختام دورة استثنائية من معرض أربيل الدولي للكتاب


أربيل / علي زيتو

أسدل الستار، أمس السبت 19 نيسان 2025، على فعاليات الدورة السابعة عشرة من معرض أربيل الدولي للكتاب، التي استمرت لعشرة أيام متواصلة على أرض معرض أربيل الدولي. شهد المعرض خلالها حراكاً ثقافياً لافتاً، وفعاليات أدبية وفكرية متنوعة، استقطبت عشرات الآلاف من الزوار من مختلف مدن إقليم كوردستان والعراق، فضلاً عن مشاركة أكثر من 350 دار نشر من داخل الإقليم وخارجه.

أبرز المحطات

تميّزت دورة هذا العام بتوسّع واضح في عدد الفعاليات الثقافية المرافقة، حيث أكد القائمون على المعرض أنها الدورة الأكثر نشاطاً من حيث عدد الندوات الفكرية، وورش العمل، وتواقيع الكتب.

كما تم تخصيص مساحات أوسع للأطفال واليافعين، من خلال أجنحة خاصة وورش تعليمية باللغة الكردية والعربية، مما جعل من المعرض مناسبة شاملة تستهدف مختلف الفئات العمرية والثقافية.

انطباعات من أرض المعرض

الأكاديمي دلشاد عمر، تحدّث قائلاً: “أربيل اليوم لا تقل عن أي عاصمة ثقافية في العالم العربي. جمهور المعرض يقرأ، يناقش، ويتفاعل. ما يفرحني أكثر هو الحضور الشبابي”.

جمال ممثل دار نشر مشاركة من أربيل، قال في حديثه: “منذ مشاركتنا الأولى في معرض أربيل، لمسنا فرقاً واضحاً في نوعية الجمهور. الناس لا يتصفحون الكتب فقط، بل يسألون عن مضمونها ومؤلفيها. هذا العام تجاوزت مبيعاتنا التوقعات بنسبة 30%. التنظيم دقيق، وطاقم العمل متعاون جداً”.

الطالبة الجامعية سوزان من جامعة صلاح الدين في أربيل، والتي حضرت المعرض ثلاث مرات خلال الأسبوع، قالت: “من أجمل ما يميز هذا المعرض هو أنه لا يشبه المناسبات العابرة. في كل زيارة كنت أكتشف عناوين جديدة ومواضيع لم أكن مهتمة بها من قبل. اشتريت كتباً عن علم النفس والنسوية والفلسفة. التنوع هائل، والأسعار مناسبة جداً”.

أصوات أخرى من المعرض

سردار، باحث في العلاقات الدولية، أشار إلى أهمية البعد الثقافي للمعرض، قائلاً: “المعرض ليس مجرد مكان للبيع والشراء، بل فضاء للحوار الثقافي. شاركت في ندوة عن الهوية واللغة، وكان النقاش على مستوى عالٍ من الوعي. مثل هذه الفعاليات تفتح أفقاً أوسع أمام جمهور كوردستان”.

نسرين، إحدى الزائرات من السليمانية، عبّرت عن إعجابها بالتنظيم وتنوع العناوين: “جئت برفقة زوجي وأطفالي، ووجدنا جميعاً ما يناسبنا. أطفالنا شاركوا في ورشة للرسم، وزوجي اشترى كتباً عن التاريخ الكوردي، وأنا وجدت أعمالاً مترجمة حديثة لكاتبات عالميات لم تكن متوفرة في مدينتنا”.

أحمد، مسؤول في إحدى دور النشر الكوردية، وصف الإقبال بأنه الأفضل منذ سنوات: “لم نكن نتوقع هذا الحجم من التفاعل، خاصة مع توقيع الكتب. أغلب القراء كانوا يسألون عن التفاصيل الدقيقة للكتب، وبعضهم عاد مرتين لشراء نسخ إضافية لأصدقائه. هذا مؤشر على الوعي القرائي المتزايد في كوردستان.”

إشادة تنظيمية ومشاركة جماهيرية

العديد من الزوار شددوا على مستوى التنظيم العالي للمعرض، خاصة في إدارة حركة الدخول والخروج وتوزيع الأجنحة. وقال كاروان، موظف حكومي من أربيل: “رغم الأعداد الكبيرة، إلا أن كل شيء كان مرتباً. الخرائط الإرشادية، الأمن، والإشراف على الأجنحة كلها أمور مدروسة. شعرت وكأني في معرض دولي بكل المقاييس.”

كما عبّر كثيرون عن أملهم في توسيع أيام المعرض مستقبلاً، نظراً إلى الزخم الثقافي والإقبال الجماهيري.

مع اختتام فعالياته، أثبت المعرض مرة أخرى أنه ليس مجرد حدث سنوي، بل محطة ثقافية محورية باتت تعكس مدى تطور المشهد المعرفي في إقليم كوردستان. ومثلما قالت إحدى الزائرات في كلماتها الأخيرة وهي تغادر: “هنا تكتشف أن الكتاب ما زال حيًا.. وأن أربيل تعرف كيف تحتفل بالكلمة”.

Scroll to Top