“تاريخ الكورد، قضية الهوية”.. ندوة تحيي الذاكرة القومية في معرض أربيل الدولي للكتاب

تقرير: علي زيتو

شهد معرض أربيل الدولي للكتاب واحدة من ندواته الثقافية، تحت عنوان “تاريخ الكورد، قضية الهوية”، والتي نظّمتها وزارة الثقافة والشباب في إقليم كوردستان، بحضور نخب فكرية وأكاديمية وجمهور واسع من المهتمين بتاريخ وهوية الشعب الكوردي.

الندوة التي أُقيمت في قاعة الندوات، شكّلت منصة علمية لمناقشة المحطات التاريخية المهمة في حياة الكورد، منذ أصولهم القديمة وحتى الحقبة العثمانية، مرورًا بالتحولات السياسية والثقافية والاجتماعية التي أثّرت على تشكيل الهوية الكوردية.

الهوية من منظور التاريخ والشواهد

استُهلت الندوة بكلمة الكاتب والباحث سوران حمه رش، الذي قدّم عرضًا غنيًا حول أصل الكورد مستندًا إلى الشواهد التاريخية واللغوية، وتناول علاقة الكورد بالحضارات القديمة في المنطقة، مشيرًا إلى أن “الهوية الكوردية لم تكن يومًا عابرة أو طارئة، بل متجذرة في عمق التاريخ من خلال أسماء الممالك، والنقوش، والآثار، واللغة التي بقيت حية رغم كل محاولات الطمس والتغييب”.

وأضاف حمه رش: “منذ القدم وحتى العصر الحديث، ظل الكورد فاعلين في جغرافيا معقّدة وتاريخ متشابك، حافظوا خلاله على هويتهم القومية رغم التشظي السياسي والانقسامات”، مشددًا على أهمية الوعي التاريخي في تعزيز الانتماء الوطني، خصوصًا لدى الأجيال الجديدة.

الحقب التاريخية.. قراءة أكاديمية معمقة

أما الأكاديمي الدكتور إبراهيم محي الدين، فقد قدّم مداخلة تحليلية تناولت تاريخ الكورد عبر الحقب المختلفة، مسلطًا الضوء بشكل خاص على المرحلة العثمانية، التي اعتبرها “نقطة واحدة من الحقب التاريخية المهمة عند الشعب الكوردي.

وتطرق محي الدين إلى أن وضع الكورد خلال الحقبة العثمانية في سوريا بشكل خاص والتأثير لهذا التاريخ على مستقبل وحاضر الشعب الكوردي.

وتناول أيضا الوثائق العثمانية والدور المهم للكورد في أحداث تاريخية مثل معركة جالديران التي وقعت بين الدولتين العثمانية والصفوية وحماية الحدود الشرقية للإمبراطورية، وفي نفس الوقت تُظهر التحديات التي واجهها الكورد في الحفاظ على لغتهم وكياناتهم”، معتبرًا أن “الحقبة العثمانية تُعد من بين أكثر الفترات التاريخية التي تستحق الدراسة والبحث، لفهم ما تلاها من تطورات سياسية وهوياتية”.

الحضور وتفاعل الجمهور

وشهدت الندوة تفاعلاً من الحضور، الذي طرح أسئلة ركزت على كيفية ربط الماضي بالحاضر، وآليات تعزيز الهوية الكوردية اليوم في ظل التحديات الثقافية والعولمة.

وسلّطت الندوة الضوء على أهمية التاريخ في تثبيت هوية الشعوب، وعلى وجه الخصوص الشعب الكوردي الذي ظلّ يعاني من محاولات الإقصاء والتهميش لعقود طويلة. وقد أجمع المشاركون على ضرورة دعم البحث الأكاديمي التاريخي، وتوسيع دائرة النقاش حول الهوية القومية، ليس فقط داخل المؤسسات الثقافية، بل أيضًا في الإعلام والتعليم.

ويبدو أن معرض أربيل الدولي للكتاب هذا العام لا يكتفي بعرض الكتب والمطبوعات، بل يقدّم فضاءً فكريًا متجدّدًا لمناقشة قضايا الوجود والهوية، في لحظة تاريخية فارقة من حياة الكورد.

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

Scroll to Top