“تكنولوجيا النانو.. ثورة في العلوم من أجل واقع مستدام” ندوة علمية على هامش معرض أربيل للكتاب

أربيل / علي زيتو

شهد معرض أربيل الدولي للكتاب في نسخته السابعة عشرة ندوة علمية متميزة حملت عنوان “تكنولوجيا النانو.. ثورة في العلوم من أجل واقع مستدام”، والتي سلطت الضوء على واحدة من أكثر التقنيات تطوراً وتأثيراً في حاضر ومستقبل البشرية، بحضور نخبة من الأكاديميين والمهتمين بالبحث العلمي والطب.

الندوة التي أقيمت ضمن الفعاليات الثقافية المصاحبة للمعرض، ركزت على أهمية تكنولوجيا النانو ودورها المحوري في تطوير مجالات الطب، الصناعة، والبيئة، كما ناقش المشاركون التحديات والآفاق المستقبلية لهذه التقنية الدقيقة.

تكنولوجيا النانو: تعريف وأهمية

بدأ الأكاديمي ناصح هورامي مداخلته بتعريف مبسط لتكنولوجيا النانو، موضحاً أنها “علم يهتم بالجزيئات الدقيقة جداً والتي لا تُرى بالعين المجردة، ويختص بصناعة أجهزة وتقنيات على مستوى النانو متر، أي جزء من المليار من المتر”. وأشار إلى أن هذا المجال لم يكن يحظى باهتمام كبير قبل الألفينية الثانية، لكنه اليوم أصبح في صلب اهتمام العالم بسبب الحاجة المتزايدة إلى تقنيات دقيقة، خاصة بعد جائحة كورونا.

وأضاف هورامي: “حينما واجه العالم أزمة كورونا، توقف كل شيء، لكن أحد أبرز المفاتيح في الخروج من الأزمة كان اكتشاف اللقاح، وهذا الإنجاز لم يكن ممكناً لولا تطور تكنولوجيا النانو. إنها تؤثر على تفاصيل دقيقة في حياتنا، سواء في أجسامنا أو في محيطنا، ويمكن أن تمتد تطبيقاتها إلى جميع مجالات الحياة، من الطب والهواتف الذكية إلى صناعة الملابس والسيارات”.

وشدد على ضرورة أن تلتفت المؤسسات العلمية والبحثية إلى هذه التكنولوجيا، قائلاً: “إذا تم الاهتمام بهذا المجال بشكل جدي، فإننا سنشهد طفرة علمية في السنوات القادمة”.

دور النانو في علاج السرطان

وفي مداخلة مؤثرة، تحدث الأكاديمي خضر حسين عن الأهمية المتزايدة لتكنولوجيا النانو في معالجة أمراض مستعصية، وفي مقدمتها السرطان، مشيراً إلى أن “السرطان يصيب الخلايا، وتحديداً على مستوى دقيق جداً، وتكنولوجيا النانو هي الأقرب لفهم هذه التغيرات”.

وقال حسين: “في السابق، كان العلاج الكيميائي يستهدف الخلايا المصابة والخلايا السليمة معاً، ما يسبب أضراراً جانبية كبيرة. أما الآن، فبفضل تكنولوجيا النانو، يعمل العلماء على استهداف الخلايا السرطانية وحدها دون التأثير على الخلايا السليمة، من خلال جسيمات نانوية قادرة على التمييز بين الخلايا”.

وأضاف أن العديد من المختبرات المتقدمة في العالم تعتمد حالياً على هذه التقنية لتطوير علاجات أكثر دقة وأقل ضرراً، مما يعكس تحوّلاً جذرياً في طريقة التعامل مع السرطان.

التشخيص المبكر عبر تكنولوجيا النانو

أما الأكاديمي محمد علي سليم، فقد ركّز في مداخلته على دور تكنولوجيا النانو في التشخيص المبكر للأمراض، وقال:

“إن التطورات الحديثة في هذا المجال وفّرت أجهزة قادرة على تحليل عينات دقيقة جداً على مستوى الجزيئات، ما يسمح بالكشف عن الأمراض في مراحلها الأولى، وفي مقدمتها السرطان. هذا التشخيص المبكر هو المفتاح الأساسي لتسهيل العلاج وتقليل المعاناة”.

وأكد سليم أن النانو لا يقتصر على العلاج فقط، بل يشكل ثورة أيضاً في الرصد والتحليل المختبري، وهو ما يجعل منه أداة لا غنى عنها في المستقبل الطبي.

ندوة تفتح آفاق الحوار العلمي

الندوة شهدت تفاعلاً من الحضور الذين عبّروا عن اهتمامهم الكبير بهذا المجال العلمي المتقدم، وسط دعوات من الأكاديميين لتطوير البنية التحتية العلمية في كوردستان والعراق بشكل عام، كي تكون قادرة على مواكبة التحولات العلمية العالمية، خاصة في مجالات الطب والتكنولوجيا الحيوية.

كما شدد المشاركون على أهمية إقامة فعاليات مشابهة خلال المعارض الثقافية الكبرى مثل معرض أربيل الدولي للكتاب، لأنها تسهم في رفع الوعي العلمي لدى الجمهور، وتدفع باتجاه ربط الثقافة بالعلم والتكنولوجيا.

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

Scroll to Top