
أربيل / زين يوسف
استضافت قاعة الندوات جلسة حوارية بعنوان «إشكالية التراث في الفكر العربي، بين القداسة والتحديث»، تحدث فيها الكاتب والباحث رشيد الخيون وحاوره الصحفي علي حسين.
في بداية الجلسة تحدث الخيون عن مفهوم التراث وهل هو مقدس ام يمكن تحديثه؟ قائلا؛ إن «علينا أولا ان نميز بين التاريخ والتراث، فالتاريخ يدخل في التراث لكننا حينما نأخذ كتب الجاحظ وأبو حيان التوحيدي فهي كتب تراث ولا يمكن اعتبارها كتب تاريخ وعندما نتحدث عن كتاب «تاريخ الأمم والملوك للطبري فلا يمكن اعتباره ضمن التراث فهو تاريخ، والامر الاخر فان أساليب كتابة التاريخ فيها مدارس ومناهج كثيرة فهناك من كتب التاريخ بطريقة التحقيب مثل الطبري والمسعودي على سبيل المثال جمع بين التاريخ والجغرافيا وكان كتابه على أسماء الخلفاء، لكن هناك نقطة مهمة فتحت اذا قرأنا التراث والتاريخ كتاريخ فالتقديس هنا ليس له أهمية لكننا اذا قرأنا التاريخ برؤية دينية فهنا سيكون التقديس موجودا بنسبة مئة بالمئة».
وأضاف ان «القرآن على سبيل المثال هو ضمن تراثنا الديني وتاريخنا فلو اخذناه كتفسير علمي او تفسير باللغة يختلف عندما تقدمه كتفسير ديني فهنا التفسير مرتبط بالمنهج لذلك المؤرخ عندما يريد ان يتكلم بالتاريخ تكون لديه حرية واسعة بالتأكيد هي غير مقبولة لدى المتعصبين لكنه يأخذ حريته، والكثير من المؤرخين يتعاملون مع التاريخ بنزعة مقدسة وهناك اخرين ربطوه بالهوية، بأن هذه هي هويتنا سواء كانت صح ام خطأ فهذه هويتنا ولا يمكن المساس بها».
وأشار الى ان «دراسة التاريخ تعتمد على مدارس، عل سبيل المثال فان جواد علي عندما كتب «المفصل في تاريخ العرب قبل الإسلام»، أراد ان يجيب على كلمة واحدة وهي نفي قضية الجاهلية عن مجتمعات ما قبل الإسلام، لكن عندما نأتي الى قضية دينية ومؤرخ ديني عندما يتحدث يقول كان الظلام وأتى النور اما جواد علي عندما يتحدث عن كل ما قبل الإسلام فيقول ان هناك نورا كثيرا وكان هناك شعر وعلم وخطابة ورؤية فكرية».
وعن تأثير المذاهب على التاريخ الإسلامي قال الخيون ان «المذاهب ضرورة حتمية فلا يوجد فكر او دين يبقى على حاله لان القضايا الاجتماعية تتغير والمتطلبات تتغير والزمن واللغة تتغير فيخرج اجتهاد معين وهذا الاجتهاد ينمو ويكبر ويصبح مذهبا ولكن الموضوع وصل الى الصراع بين المذاهب فعندما تأتي بشيء جديد الاخرون يعرضوك للكفر والنقد والان أصبحت المذاهب بالمئات وفي كل مذهب هنالك اجتهادات كبيرة جدا، وهذه الصراعات حدثت لانهم اختلفوا عن ماهية الله بحد ذاته وعلى القرآن أيضا وهل القرآن قديم ام حديث وهل يُرى الله في الاخرة كل هذه الأمور أحدثت صراعات بينهم».
تطرق الخيون أيضا الى موضوعة الدين والحضارات قائلا ان «النشأة الفكرية الأولى هي دينية فاذا اخذنا التراتيل والاناشيد في سومر وبابل كلها دينية واستوعبها المجتمع، قصة الطوفان على سبيل المثال صنعت حضارة لأنها عبرت الى اليهودية والتوراة تحدثت عنها، اما قضية العلاقة مع الالهة أيضا قضية تفكير الانسان بكيفية وجوده وكيفية وجود الكون كل هذه الأمور تعود الى فكرة دينية بالأساس، لكن الفكرة الدينية غير مفصولة عن الفكرة الاجتماعية وغير مفصولة أيضا عن الفكرة العلمية، اما الانفصال فحدث عندما تطور العلم كثيرا فأصبحت هناك فجوة كبيرة بين العلم والدين، والدين يريد ارجاع العلم والعلم يريد ان يتقدم الى الامام».