أهمية التعايش ورفض التعصب.. ندوة حوارية حول واقع التعايش الديني والثقافي في إقليم كوردستان

أربيل/ المدى

شاركت كلية العلوم الإسلامية في جامعة صلاح الدين بمحافظة أربيل، في ندوة حوراية حول التعايش المشترك داخل إقليم كوردستان العراق، والتي حملت عنوان  (التعايش بين الواجبات والمسؤوليات .. اختلاف الجنسيات والأديان أنموذجاً).

تحدث فيها أستاذ قانون في جامعة صلاح الدين، د. مغديد كريم شيخ طه، و د. كابان عبدالكريم الشيخاني الحاصلة على شهادة الكتوراه في التنوع الديني، بالإضافة إلى أستاذ في كلية العلوم الإسلامية، د. آدم عبدالجبار عبدالله، وأدار الجلسة أستاذ في جامعة صلاح الدين، د. جميل علي.

قدم ميسر الجلسة، د. جميل علي، في بداية الجلسة، ملخصًا عن التعايش السلمي واعتبره مهمة ومسؤولية مشتركة تقع على عاتق جميع أفراد المجتمع بغض النظر عن انتماءاتهم الدينية والعرقية والمذهبية. وأكد بالقول، «إن التعايش المشترك وقبول الآخر في كوردستان يمر بأفضل المراحل والتحديات والمشاكل قليلة جدًا، وذلك بسبب سياسة حكومة الإقليم التي تهتم جدًا بموضوع التعايش».

وأضاف أن «المكونات في إقليم كوردستان بمختلف مذاهبهم وقومياتهم لديهم فرص العيش الكريم ومكانة خاصة في المجتمع، ولهذا السبب تقف المؤسسات الدينية في إقليم كوردستان مثل وزارة الأوقاف واتحاد علماء الدين الإسلامي وكليات العلوم الإسلامية في جامعات الإقليم إلى جانب الحكومة في تحقيق مبدأ التعايش المشترك بين الأديان والمذاهب والقوميات في كوردستان».

بعد ذلك تحدث د. مغديد كريم شيخ طه، أستاذ في كلية القانون بجامعة صلاح، عن التعصب الديني معبراً عن رفضه الشديد بالتعامل وفق هذا المنطق الذي يخلق مشاكل كبيرة داخل المجتمعات. وأشار إلى أن «الرسول محمد (ص) عندما هاجر من مدينة المكة المكرمة إلى المدينة، أسس دولة مدنية ونظام مدني مبني على ميثاق شارك في صياغته المسلمون جميعًا واليهود وجزء من المسيحيين».

وتابع مغديد بالقول، «إن بنود الوثيقة التي أسس بها الرسول الكريم دولته المدنية ضمت ٤١ فقرة، جميعها تؤكد على حقوق الإنسان والتعايش السلمي وحماية أمن المواطن والاقتصاد.»

وأضاف الدكتور مغديد أن « الله سبحانه وتعالى يقول في آية كريمة: «يَا أَيُّهَا النَّاسُ إِنَّا خَلَقْنَاكُم مِّن ذَكَرٍ وَأُنثَى وَجَعَلْنَاكُمْ شُعُوبًا وَقَبَائِلَ لِتَعَارَفُوا إِنَّ أَكْرَمَكُمْ عِندَ اللَّهِ أَتْقَاكُمْ.» وهذه دلالة على ضرورة الالتزام بمبدأ قبول الآخر والتعايش المشترك»، ولفت إلى أنه «يمكن للإنسان أن يعتز بقوميته أو عقيدته ولكن يجب عليه أن يحترم المقابل حتى وإن لم يكن جزءًا من المجتمع الذي ينتمي إليه».

أما الدكتورة كابان عبد الكريم الشيخاني فأكدت من جانبها أن «التعايش في كوردستان يعود تاريخه إلى قرون مضت، حيث عندما رست سفينة نوح (عليه السلام) في كوردستان، كانت تضم أجناسًا تعايشت مع بعضها».

وأشارت الشيخاني إلى كيفية استقرار اليهود في مناطق مثل كويسنجق وباتاس واندماجهم مع الكرد لدرجة أنهم كانوا يرتدون الزي الكوردي. وأوضحت أن المسيحيين الذين استقروا في أربيل احتلوا مواقع عليا ومسؤوليات خلال التاريخ، وكذلك الزرادشتيين والكاكائيين والبهائيين الذين اختاروا بعض مناطق كوردستان لممارسة عباداتهم.

وفي تأكيدها على التاريخ الحديث، استعرضت الدكتورة كابان مواقف القادة الكورد مثل الملا مصطفى البارزاني الذي كلف عددًا كبيرًا من المناضلين المسيحيين بالمسؤوليات العليا في حزبه، وفق ما أبانت.

وأضافت أن «جميع القوانين الصادرة من برلمان كوردستان تعترف بجميع الأديان والقوميات، وتمنحهم حقوقًا كاملة مثل التعليم بلغتهم وممارسة طقوسهم الدينية والاحتفال بها».

وفي الختام، تطرق د. آدم عبدالجبار عبدالله، أستاذ في كلية العلوم الإسلامية بجامعة صلاح الدين، إلى موضوع النضال المشترك بين مكونات شعب كوردستان، حيث أكد أن التضحيات لم تقتصر على الكورد المسلمين فقط بل شملت كل المكونات. وحث على ضرورة المحافظة على هذا التعايش ونبذ كل فعل يهدد سلام وأمن المكونات غير الكوردية.

وأضاف بأن زيارة البابا إلى أربيل وإقامته لصلاة جماعية كانت رسالة تأكيد على وجود التعايش السلمي المشترك في كوردستان، والتي أراد نقلها إلى العالم ككل.

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

Scroll to Top