
المدى / أربيل
ضمن سلسلة الندوات الفكرية والعلمية المقامة في إطار فعاليات النسخة السابعة عشرة من معرض أربيل الدولي للكتاب، نُظّمت جلسة متخصصة بعنوان “علم النفس والفرد”، شهدت حضوراً نوعياً من المهتمين بالشأن النفسي والأسري، فضلاً عن عدد من الأساتذة والباحثين وطلبة الجامعات.
وأدار الجلسة إدريس لاوه، بصفته مدير الندوة، حيث افتتح النقاش بالتركيز على أهمية الصحة النفسية في حياة الإنسان المعاصر، وتأثيرها المباشر في تشكيل السلوك الفردي والجماعي، لا سيما في المجتمعات التي تواجه تحديات اجتماعية واقتصادية معقدة.
الدكتورة سمية سامي حسن، وهي أخصائية في علم النفس، تطرّقت في مداخلتها إلى أهمية تعزيز الوعي الذاتي كمدخل لمعالجة الاضطرابات النفسية، مؤكدة أن “الفرد حين يتصالح مع ذاته ويدرك مصادر توتره وقلقه، يصبح أكثر قدرة على التفاعل الإيجابي مع محيطه، سواء داخل الأسرة أو في بيئة العمل”. كما شددت على أن الصحة النفسية لا تقل أهمية عن الصحة الجسدية، وأن المجتمعات تحتاج إلى تطبيع الحديث عن المعاناة النفسية بدلاً من وصمها.
أما سيدو مورغان، وهو أخصائي ومعالج نفسي، فقد ركّز في حديثه على العلاقة بين التوازن النفسي والاستقرار المجتمعي، مشيراً إلى أن “الفرد الذي يعيش صراعاً داخلياً غير محسوم، غالباً ما يعكس أزمته على محيطه، ما يؤدي إلى أنماط سلوك مضطربة قد تؤثر في العمل، التعليم، وحتى في تربية الأطفال”. وأضاف أن “المجتمعات الكوردية بدأت تخطو نحو كسر الحواجز في طلب المساعدة النفسية، لكننا لا نزال بحاجة إلى جهود مؤسسية لتوسيع نطاق الخدمات النفسية وتثقيف الناس بأهميتها”.
شهدت الندوة تفاعلاً من الحاضرين، الذين طرحوا أسئلة متنوعة حول كيفية التعامل مع القلق المزمن، والضغوطات اليومية، وتأثير الحروب والهجرة على نفسية الفرد. وردّ المتحدثون على التساؤلات بتفصيل علمي وبأمثلة واقعية، مؤكدين أهمية دمج برامج الدعم النفسي في المؤسسات التعليمية والاجتماعية.
شكلت ندوة “علم النفس والفرد” محطة معرفية مهمة ضمن برنامج معرض أربيل الدولي للكتاب، حيث أسهمت في تسليط الضوء على قضايا الصحة النفسية التي غالباً ما تُهمّش في النقاشات العامة. وقد أكد المتحدثون أن بناء الإنسان السليم نفسياً هو الأساس لأي تطور مجتمعي مستدام، داعين إلى تعزيز ثقافة الوعي الذاتي وطلب العلاج النفسي كحق مشروع لكل فرد.