عيد ثقافي وفرصة ذهبية: زوار يداومون على حضور معرض أربيل الدولي للكتاب يومياً

أربيل/ علي زيتو

في كل صباح من أيام معرض أربيل الدولي للكتاب بدورته السابعة عشرة، تتوافد أعداد كبيرة من الزوار إلى أرض المعرض، ولا يخفى على أحد أن ثمة وجوهًا مألوفة تعود يومًا بعد يوم، وكأن المعرض أصبح طقسًا يوميًا لا يمكن تفويته. هذا الإقبال المتجدد لا يعكس فقط أهمية المعرض كحدث ثقافي سنوي، بل يترجم مدى التفاعل الحي للناس مع الكتاب، وارتباطهم بالقراءة بوصفها فعلًا يوميًا لا موسميًا.

المعرض، الذي تستضيفه مدينة أربيل بين التاسع والتاسع عشر من نيسان 2025، تحوّل إلى ما يشبه العيد الثقافي الذي يجمع مختلف الأعمار والاهتمامات، من الباحثين والكتّاب إلى الطلبة والعائلات، بل وحتى الأطفال الذين يبحثون في أروقة المعرض عن قصص جديدة ومغامرات مشوّقة.

زوار يوميون: المعرض لا يُزار مرة واحدة!

يقول هيوا كريم، وهو موظف في قطاع التعليم، جاء للمعرض خمسة أيام متتالية:

“المعرض بالنسبة لي فرصة لا تعوّض، لا أكتفي بزيارة واحدة، ففي كل يوم أكتشف جناحًا جديدًا، كتابًا لم أره سابقًا، أو أشارك في ندوة مختلفة. هذه ليست مجرّد فعالية، بل محطة سنوية للتجدد المعرفي والتواصل الثقافي”.

أما بان عبد الله، وهي طالبة في قسم الترجمة، فتوضح سبب زيارتها اليومية قائلة: “أتيت مع صديقاتي في اليوم الأول، ثم عدت في اليوم الثاني مع أخي، وفي اليوم الثالث مع والديّ. في كل مرة أعود بشيء جديد، كتاب، توقيع كاتب، أو حتى فكرة تُلهمني لبحث دراسي. هذا الحدث لا يُختصر بيوم واحد!”.

ويؤكد سلام نجم، صاحب مكتبة محلية، أن بعض الزوار يعودون إليه يومياً: “هناك زبائن يأتون كل يوم، يتابعون الكتب التي وصلت متأخرة أو يسألون عن طبعات جديدة، وبعضهم ينتظر خصومات في الأيام الأخيرة. المعرض أصبح موعداً يومياً ثابتاً في جدولهم”.

عيد للثقافة وهروب من روتين الحياة

الزائرون الذين يكررون زيارتهم لا يفعلون ذلك فقط من أجل اقتناء الكتب، بل يجدون في المعرض مساحة حرة للهروب من ضغط الحياة اليومية، والاندماج في عالم يغذّي العقل والروح.

تقول روناك حسن، موظفة في شركة خاصة: “حين أدخل أرض المعرض أنفصل عن الضجيج اليومي، أتجوّل بين الأجنحة وكأنني في رحلة داخل عوالم مختلفة. هذه الكتب تحملني من أربيل إلى باريس، ومن بغداد إلى دمشق، ومن الماضي إلى المستقبل. كل زيارة تمدّني بطاقة جديدة”.

مساحة للحوارات والتفاعل الثقافي

معارض الكتاب لا تقتصر على البيع والشراء، بل تمثّل ساحة للتفاعل الثقافي، والحوار الفكري، وهذا ما يجعل الكثير من الزوار يعودون لحضور الندوات وجلسات التوقيع والمناقشات المفتوحة.

آكو رؤوف، شاب من محبي الفلسفة، قال: “حضور الندوات هو سبب رئيسي لتكرار زيارتي. أستفيد كثيراً من النقاشات، وأحياناً أتعرّف على مؤلفين شباب من كوردستان كنت أجهلهم. كل يوم أدوّن ملاحظات جديدة”.

فرصة لا تتكرر

مع اقتراب نهاية المعرض، يزداد زخم الحضور، لا سيما من أولئك الذين يعتبرون الأيام الأخيرة فرصتهم الذهبية لإكمال زياراتهم، وإتمام جولاتهم في المعرض.

ويبدو واضحًا أن المعرض لم يعد مجرّد فعالية عابرة، بل صار موعدًا سنويًا مقدسًا لدى كثير من أهالي كوردستان، لا يزورونه مرة واحدة، بل يعودون إليه كأنهم يعودون إلى بيت ثقافي كبير يفتح أبوابه للجميع.

معرض أربيل للكتاب لهذا العام، بكل ما فيه من كتب وفعاليات، ترك أثره في الزوار اليوميين، ليبقى في ذاكرتهم لا كحدث ثقافي فحسب، بل كجزء من نمط حياتهم واحتفالهم المستمر بالمعرفة.

Scroll to Top