كتب الأطفال الكوردية تستقطب الأسر كبديل تربوي عن الشاشات

أربيل / علي زيتو

في اليوم الثاني من فعاليات معرض أربيل الدولي للكتاب، برزت ظاهرة لافتة في أروقة المعرض تمثّلت في الإقبال المتزايد من الأهالي على كتب الأطفال باللغة الكوردية، والتي تحوّلت هذا العام إلى نقطة جذب رئيسية في عدة أجنحة، لا سيما في ظل الخصومات الجيدة وتنوّع العناوين المعروضة.

رصدنا خلال جولة ميدانية حركة نشطة في أجنحة دور النشر المختصة بأدب الطفل، وسط اهتمام من الأسر الكوردية الباحثة عن محتوى تربوي وترفيهي بلغتهم الأم، بعيدًا عن تأثيرات الشاشات الذكية والأجهزة اللوحية، التي باتت تؤرّق الأهل وتشغل الأطفال لساعات طويلة يوميًا فضلا عن أن المعرض شهد أيضا زيارة العديد من المدارس الإبتدائية.

الكتاب الكوردي للأطفال.. البديل الهادئ

وقالت ميهرنوش أسدي، ممثلة دار كلارس للنشر، إن الإقبال على كتب الأطفال هذا العام في المعرض جيد، موضحةً أن الأهالي بدأوا يدركون أهمية إبعاد أطفالهم عن الهواتف والتلفاز، والعودة إلى علاقة حقيقية مع الكتاب.

وأضافت: “نحن نعرض كتبًا تعليمية وألعابا فكرية للأطفال، تُشجع على التفكير، وتنمّي الخيال، وفي الوقت ذاته تراعي الفئة العمرية من حيث التصميم والمحتوى واللغة”، مشيرة إلى أن الأسعار المدعومة والخصومات ساهمت في جذب الزوار.

إصدارات جديدة بلغة قريبة من الطفل

من جانبه، قال سنگر زراري من دار فام للنشر، إن مؤسسته ركزت هذا العام على إصدار سلسلة من القصص القصيرة للأطفال باللغة الكوردية السهلة، تُقدم بأسلوب مشوّق ورسومات مبهجة.

وأضاف: “هدفنا أن يكون الطفل الكوردي مرتبطًا بلغته وثقافته منذ الصغر، وأن يعتاد على التعامل مع الكتاب كصديق يومي، وليس كوسيلة تعليمية جامدة فقط”.

الطفل يحتاج إلى محتوى يعكس بيئته

أما بابان أنور من دار آيديا للنشر، فأكد أن أحد أبرز التحديات في أدب الطفل الكوردي هو شُحّ المحتوى الذي يعكس البيئة المحلية والقيم الاجتماعية الكوردية وباتت دور النشر تدرك إهتمام الأسر المتزايد بتثقيف الأطفال وهذا ما يجعلها تقدم إنتاجات أكثر فائدة.

وقال: “نعمل على إنتاج كتب تعلّم الطفل مفاهيم الحياة اليومية، كالعمل الجماعي، والاحترام، والهوية الثقافية، عبر شخصيات قريبة منه، وبلغة يفهمها ويتفاعل معها”، مشددًا على أهمية الدعم المؤسساتي للارتقاء بأدب الطفل.

إحياء التراث الكوردي للأطفال

وفي ذات السياق، أوضح ياران، مدير دار مەم وزين، أن بعض الكتب الموجودة في المعرض تستند إلى قصص من التراث الكوردي، تم تبسيطها للأطفال بأسلوب عصري وجذاب.

وأضافت “التراث غني بالحِكم والمواقف التربوية، ونحن نحاول نقله للأجيال الجديدة بلغتهم وبما يناسب وعيهم، وهذه النوعية من الكتب تحظى بإعجاب الأهل والأطفال معًا”.

اللون والتصميم.. مدخل الطفل إلى القراءة

بدوره، قال هلو فريق من دار بَفَر للنشر، إن تصميم كتب الأطفال يلعب دورًا محوريًا في جذب الطفل للقراءة، موضحًا أن دارهم تستعين برسامين مختصين لتقديم محتوى بصري تفاعلي يشد الطفل ويجعله يرغب في استكمال القصة.

وأضاف: “نحن نهتم بجودة الطباعة، والرسومات، وطريقة الطرح، لأن الكتاب في هذه المرحلة يجب أن ينافس الشاشة من حيث الجاذبية، وهو أمر ليس سهلاً، لكنه ممكن عندما يتم العمل بوعي وفريق متخصص”.

تشير هذه الحركة النشطة في اليوم الثاني من المعرض إلى أن أدب الطفل الكوردي لم يعد هامشًا في صناعة النشر، بل أصبح ميدانًا واعدًا، يحظى باهتمام دور النشر والأهالي على حد سواء، في وقت تتصاعد فيه الحاجة إلى أدوات تربوية حقيقية تتجاوز الترفيه السريع وتبني العقل والخيال في آنٍ واحد.

ويأمل القائمون على دور النشر أن تتواصل هذه الموجة من الاهتمام على مدار أيام المعرض، وأن تحفّز الجهات المعنية على تبني مشاريع ستراتيجية لدعم إنتاج كتب الأطفال الكوردية وتوزيعها في المدارس والمراكز الثقافية.

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

Scroll to Top