“كم كتاباً اشتريت؟”.. سؤالٌ بسيط يكشف شغفاً عميقاً بالقراءة لدى زوار معرض أربيل الدولي للكتاب

أربيل / علي زيتو

بين ممرات معرض أربيل الدولي للكتاب، وفي خضم الزحام أمام الأجنحة المتنوعة، طرحنا سؤالًا بسيطًا على عدد من زوار المعرض: كم كتاباً اشتريت؟

لكنّ الإجابات، وإن بدت أرقامًا في ظاهرها، سرعان ما تحوّلت إلى قصص وشهادات تعبّر عن علاقة عميقة تجمع أبناء كوردستان بالكتاب، وعن تباين اهتمامات القرّاء بين الأدب، والفكر، والدين، والرواية.

في هذا التقرير، ننقل انطباعات عدد من الزوار الكُورد حول الكتب التي اقتنوها، وما تمثله القراءة في حياتهم، وسط أجواء ثقافية احتفالية جمعت الآلاف من مختلف الأعمار.

«كل عام أضع ميزانية خاصة لهذا المعرض»

يقول شاخوان عبد الرحمن، موظف حكومي من السليمانية: “هذه زيارتي الرابعة للمعرض، واشتريت حتى الآن 12 كتاباً، معظمها روايات كوردية وترجمات حديثة من الأدب العالمي. أنا من الذين ينتظرون هذا المعرض كل عام، بل وأضع له ميزانية خاصة، لأنه فرصة لاقتناء عناوين لا نجدها بسهولة في المكتبات”.

ويضيف: “الجميل في هذه الدورة أن هناك خصومات جيّدة في بعض الدور، لكنّني لاحظت أيضاً ارتفاع أسعار بعض الكتب مقارنة بالسنوات الماضية”.

«القراءة تحميني من الضجيج»

أما گولاله حسن، طالبة جامعية من أربيل، فقد كانت تحمل بيدها كيسين مليئين بالكتب حين توقّفنا لنسألها.

قالت: “اشتريت 8 كتب لحد الآن، كلها عن تطوير الذات والفلسفة. أحب القراءة في مواضيع تحفّزني على التفكير، وأشعر أنها تحميني من الضجيج والسطحية التي نعيشها في حياتنا اليومية”.

وتتابع: “أزور المعرض كل سنة، لكن هذه السنة شعرت بأن الإقبال أكبر، وربما هذا دليل على أن الناس بدأت تعود إلى الكتاب الورقي بعد موجة القراءة الإلكترونية”.

«الأطفال أيضاً يقرأون»

في دار نشر خاص بكتب الأطفال، التقيت دلشاد أحمد، وهو أب لثلاثة أطفال، قال لنا: “لم أشترِ لنفسي سوى كتابا واحدا، لكني اشتريت 10 كتب لأطفالي. أريدهم أن يتعودوا على الكتاب منذ الصغر، وأن يربطوا القراءة بالمتعة، لا بالواجب المدرسي فقط”. وأردف قائلاً: “وجدت هنا كتباً تعليمية بالكوردية والإنكليزية، وهذا مهم جداً لأننا نحتاج مواد تربوية حديثة بلغتنا”.

«من الرواية إلى التاريخ»

في جناح دار نشر محلية، تحدثنا مع بريار فتاح، شاب من دهوك، قال: “اقتنيت 6 كتب، ثلاثة منها روايات كردية لكُتّاب معاصرين، وكتابين عن تاريخ الكورد، وواحد في علم النفس. أعتقد أن الرواية الكوردية بدأت تأخذ مكانتها وتستحق أن تُقرأ أكثر”.

وأضاف: “المعرض هذا العام متنوع أكثر، لكن أتمنى أن تكون هناك أنشطة مصاحبة باللغة الكوردية بشكل أكبر”.

ماذا تقول الأرقام؟

رغم أن تقريرنا لا يعتمد على إحصاء رسمي، إلا أن الإجابات التي جمعناها من عشرات الزوار الكُورد أظهرت أن الغالبية اشترت ما بين 5 إلى 15 كتاباً، وأن هناك وعياً متزايداً لدى العائلات في تشجيع الأبناء على القراءة.

وتفاوتت اهتمامات القرّاء بين الأدب، واللغة، والفكر، وكتب تطوير الذات، فيما حافظت الرواية، وخاصة المترجمة منها، على صدارتها في المبيعات، وفق ما أشار إليه عدد من العاملين في دور النشر.

الكتاب ما زال حيًّا

في النهاية، يمكن القول إن معرض أربيل للكتاب لا يقدّم فقط فرصة لشراء الكتب، بل يشكّل موسماً ثقافياً ينتظره الناس بشغف، يلتقون فيه بأفكار جديدة، وببعضهم البعض.

وسؤال “كم كتاباً اشتريت؟” قد يبدو بسيطاً، لكنه يكشف عن حيوية مجتمع يُدرك أن طريق التقدم يبدأ من سطر يُقرأ، وفكرة تُناقش، وكتاب يُفتح بشغف.

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

Scroll to Top