
تقرير: علي زيتو
يشهد معرض أربيل الدولي للكتاب في دورته الحالية إقبالاً لافتاً على الروايات الكوردية، التي تصدرت قوائم المبيعات في عدد من دور النشر المحلية، لتؤكد أن الأدب الكوردي – لا سيما الرواية – بات يحتل مكانة متقدمة في ذائقة القرّاء. ويلاحظ الزائر للمعرض أن رفوف دور النشر الكوردية تكاد لا تخلو من الزوار، خصوصاً أولئك الذين يبحثون عن روايات تتناول الهوية الكوردية، قضايا المرأة، وتفاصيل الحياة اليومية في كوردستان.
وفي جولة ميدانية بين الأجنحة، رصدنا اهتماماً متزايداً بالرواية الكوردية، سواء المكتوبة باللغة الكوردية أو المترجمة إليها، وهو ما يعكس نضجًا في الحركة الأدبية وتزايد الوعي بأهمية قراءة الذات من الداخل.
الرواية الكردية تنقل صوت المرأة والتاريخ المسكوت عنه
ليلى، ممثلة دار تيشك للنشر والتوزيع، أوضحت في حديثها أن الإقبال الكبير على الروايات الكوردية هذا العام يعود إلى تنوع المواضيع وعمق التناول. وقالت: “لدينا عدد من الروايات التي كتبها كتاب وكاتبات شباب، تركز على قضايا اجتماعية حساسة، مثل العنف الأسري، وضع المرأة، والصراعات الداخلية في المجتمع الكوردي. الناس تريد أن تقرأ عن نفسها، بلغتها، ومن خلال عدسة من يفهم واقعها”.
وأضافت: “هناك روايات حققت أرقاماً قياسية في المبيعات منذ اليوم الأول، وهذا يدل على أن القارئ الكوردي لم يعد يبحث فقط عن الترفيه، بل عن قراءة تعكس هويته وتطرح أسئلته الوجودية”.
الرواية الكوردية بدأت تخرج من المحلية نحو العالمية
كامران، من دار آويز للنشر، يرى أن الرواية الكوردية تشهد انتقالاً نوعياً، ليس فقط على مستوى المضمون، بل أيضاً من حيث الأسلوب والتقنيات الأدبية المستخدمة. وقال: “الكثير من الروايات الكوردية الحالية تتبنى أساليب سرد حديثة، مثل تيار الوعي، والتناص مع الموروث الشعبي والأسطوري. هذا ما يجعلها جذابة حتى للقراء غير الكورد الذين يطلعون عليها مترجمة”.
ويضيف: “في دارنا، ركزنا هذا العام على نشر روايات مترجمة من العربية والإنجليزية إلى الكوردية، وهو ما لاقى تفاعلاً كبيراً”.
القارئ الكوردي أصبح أكثر انتقائية
أحمد، من دار نارين للنشر، يقول إن ازدياد الإقبال على الروايات الكوردية لا يعني فقط ازدهار النشر، بل يشير أيضاً إلى تطور في ذائقة القارئ.
ويتابع: “القراء باتوا يطرحون أسئلة دقيقة، ويهتمون باللغة والأسلوب، وليس فقط بالموضوع. الكثير منهم يطلب روايات لكتاب محددين، أو يسأل عن طبعات حديثة. هذا يعكس نضجاً نقدياً وثقافياً مهماً”.
ويضيف: “لدينا روايات مستوحاة من أحداث حقيقية، من تاريخ كُوردستان، ومن معاناة أهالي المدن والقرى. هذه الروايات تفتح نافذة على التاريخ غير المكتوب، وتجعل من الأدب وسيلة لحفظ الذاكرة الجماعية”.
روايات المرأة تتصدر المشهد
من اللافت في هذه الدورة من المعرض، أن عدداً كبيراً من الروايات المباعة كانت من تأليف كاتبات كورديات. تتناول هذه الروايات في الغالب مواضيع مثل الهوية، الحرية الشخصية، العلاقة بالأسرة والمجتمع، وقضايا مهمة، بلغة شاعرية أحياناً ومباشرة في أحيان أخرى.
ويشير العديد من القراء إلى أن الروايات النسائية تعكس جوانب من الواقع الكوردي لا يتطرق إليها الأدب التقليدي، مما يمنح هذه الأعمال صدقاً وجرأة تلقى صدى واسعاً بين جمهور المعرض.