معارض الكتاب … تلاقي ثقافي وحوار جيلي

أربيل/ المدى

في يومه الخامس، افتتح معرض أربيل الدولي للكتاب أبوابه للزوار، ومنذ الصباح الباكر، توافد الطلاب والكتّاب من مختلف الأعمار والتوجهات بشغف وحماس، مستعدين لاستكشاف أروقة المعرض واستكمال جولاتهم بحثًا عن الكتب والإصدارات الجديدة.

يقف الكاتب نور الدين، ذو الشعر الرمادي الذي يحمل في تجاعيد وجهه كماً من الحكايات والتجارب، قرب ركن مخصص لـ(ملحق المدى)، متأملاً إصداره الأخير بفضول تلتمسه من عينيه التي تكاد تحتضن الكتاب. تروي ملامح الكاتب نور الدين حياة غنية بالتجارب، وبعد أن اقترب منه مراسل (ملحق المدى)، ومع افتتاح الحديث معه، قال إن «هناك جيلاً هشاً لا يملك من المعرفة الحقيقية شيئاً»، ووصفها بأنها «كارثة تلامس جيل الشباب».

ويتحدث عن تأثير التطور الحاصل في البلاد، قائلاً، إن «التطور يتضمن العديد من الجوانب السلبية، منها ما ساهم بهدم مفهوم الاسرة».

وفي الجهة الأخرى، تقف الشابة شروق؛ وهي مدرسة في إحدى ثانويات مدينة الموصل، قالت من منظور خبرتها في التعامل مع الأجيال الجديدة، إن «المجتمع العراقي يجب عليه تقبل الاختلاف الحاصل بين الأجيال»، وحثت على ضرورة التعامل بمرونة وتقبل لأفكارهم وطموحاتهم.

وشددت شروق على أهمية «مشاركة الأجيال الجديدة، اهتماماتهم، وخلق جلسات نقاش آمنة معهم»، حيث تجد أن هذه الطريقة «ستقلل من مشاكل الانفلات والهروب، من خلال اعطائهم المساحة التي يحتاجونها».

حضرت شروق برفقة إبنها ذو الـ١٤ من عمره، حيث حرصت على ان تشاركه التجوال والاستمتاع داخل أروقة معرض الكتاب. كانت ملامح الأم تعكس حكمة وتقديرًا للماضي، بينما يشع وجه الشاب بالحماس والرغبة في استكشاف المستقبل.

تؤكد الأستاذة سولاف من جانبها، أن «الأبناء ليسوا أداة لتحقيق أحلام ورغبات الآباء، حيث فشل الآباء في تحقيق تلك الأحلام لا ينبغي أن يكون عائقاً أمام تطلعات الأبناء»، وتضيف أن «الإنسان لا يتعلم إلا من خلال التجارب التي تزيد من وعيه وتطوير قدراته. لذا، يجب علينا منح أبنائنا الفرصة ليعيشوا لحظاتهم، وأن يكتشفوا ويتعلموا من خلالها، حتى تتشكل قصتهم بناءً على تجاربهم ومغامراتهم. فنحن جميعاً معرضون للخطأ، والمربي الناجح هو من يعلم أبناءه كيف يتعلمون من أخطائهم وكيفية تجنب تكرارها».

وترى الشابة رسل (٢٥ عاماً)، أننا «دائما ما نلوم المدرسة والشارع والأصدقاء والإنترنت، وننسى أن الخطأ قد يكون منا بسبب عدم تطوير أنفسنا من خلال البحث والقراءة لاكتساب مهارات الحوار الصحي مع أبنائنا»، وتستدرك بالقول إن «إقامة حوار صحي معهم يخلق جوًا من الطمأنينة داخلهم».

وتؤكد، أن «معرض الكتاب يوفر فرصة رائعة لنا لتقريب أفكارنا، فالحوار هو الخطوة الأولى نحو أسرة مستقرة وناجحة»، مستذكرة دور أهلها الإيجابي ودعمهم لنجاحها وقوتها داخل هذا المجتمع، والتي تنبع من دعمهم لها.

وفي ختام فعاليات اليوم الخامس من معرض أربيل الدولي للكتاب، تجدّر الإشارة إلى أن المعرض يجسد عالما متنوعا من الثقافة والمعرفة، حيث تتلاقى أوراق الكتب لتروي قصصًا متعددة وتحمل تجارب متنوعة، ويعكس المعرض لمحةً من التراث الثقافي والأدبي للمجتمع، مما يثري تجربة الزائرين ويفتح آفاق جديدة للاطلاع والتفكير. كما يعد المعرض منصةً للتواصل الثقافي والحوار بين القرّاء والكتّاب، مما يعزّز الروح الأدبية ويشجع على التفكير النقدي.

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

Scroll to Top