معارض الكتاب في أربيل: إثراء للحياة الثقافية وتعزيز لحرية التعبير

المدى – سوزان طاهر

 وتضج المدينة بعشرات دور النشر والمقاهي الثقافية، وتحتضن معارض سنوية للكتب، من بينها معرض الكتاب الدولي. الذي يشهد مشاركة واسعة من دور النشر العراقية والعربية والدولية.

طبيعةٌ صوفية

يقول الكاتب والروائي الكوردي آريان صابر الداوودي، إنه، “بالرغم بالأزمة المالية التي مر بها أهالي أربيل خلال السنوات الماضية، الا انها  لم تؤثر على الحركة الثقافية ونشاطها داخل المدينة”.

وبين في حديثه لـ(ملحق المدى) أن مجتمع أربيل “يتمتع بالطابع الصوفي، كما يميل السكان إلى حب المطالعة تحديدا الكتب المتعلقة بالأدب والعلوم والدين والفلسفة”، مؤكدا أن “هذه الطبيعة لها دور مهم، في تنشيط الجانب الثقافي”.

ويضيف الداوودي، أن “الكثير من أهالي أربيل يتكلمون اللغة العربية بطلاقة شديدة، مما يدل على تنوع سكان المنطقة”.

ويرى أن “الحركة الثقافية في أربيل تشهد تطوراً مستمرا، خاصةً مع انتشار دور النشر باشكال ولغات متعددة؛ العربية، التركية، والانكليزبة وحتى الفارسية،  حتى اللغات الإنكليزية والفارسية، على عكس ما كانت عليه في السنوات الماضية، اذ كانت  تقتصر دور الطباعة والنشر على اللغة الكردية”.

انتعاش ثقافي

وبفضل صدور العديد من القوانين التي كفلت حرية الصحافة وممارسة العمل الأدبي والفني، شهدت مدينة أربيل انتعاشاً ثقافياً وفنياً لافتاً. ونتيجة لذلك، تشكلت مئات الصحف والمجلات بمختلف أنواعها، سواء كانت يومية، أسبوعية، شهرية أو فصلية، إلى جانب تأسيس فرق فنية وجمعيات أدبية تسهم في تنوير وتحفيز الحياة الثقافية والفنية في المدينة.

وبالإضافة إلى الصحافة المقروءة، تتواجد العشرات من محطات الإذاعة والتلفزيون المحلية والمواقع الإلكترونية ودور الطباعة والنشر باللغات المختلفة.

الكاتب والصحفي الموصلي محمود الخباز يشير إلى أن “مدينة أربيل شهدت خلال السنوات الماضية نهضة ثقافية جامعة تميزت بتعدد اللغات والتنوع الثقافي”، وأضاف أنه بعد قضاء حوالي 12 عاما في المدينة، كان عليه في السابق إرسال كتبه للطباعة في بغداد أو في الخارج نظرا لنقص الدور الطباعية والنشر في أربيل. ولكن في السنوات الأخيرة، أصبح بإمكانه طباعة كتبه محليا في أربيل، ويعزو ذلك إلى نمو الحركة الثقافية في المدينة ووجود عدد كبير من المثقفين والكتاب والأدباء من مختلف القوميات.

ويذكر الخباز أنه شهد زيادة ملحوظة في الفعاليات الثقافية خلال الفترة الأخيرة، بما في ذلك معارض الكتاب الدولية التي توفر منصة علمية وأدبية للكتاب والصحفيين والمثقفين في أربيل وفي جميع أنحاء العراق. ويشير إلى أن مدينة أربيل تنظم معارض سنوية للكتاب بحضور أدباء وشعراء من مختلف الدول العربية الذين يتمتعون بخبرة واسعة، مما يعزز التبادل الثقافي بين الثقافة العراقية والثقافة العربية ويساهم في اندماجهما المتبادل.

ويشهد معرض أربيل الدولي للكتاب ، عقد الكثير من الندوات الثقافية والأدبية والفكرية والعلمية وتنظيم الحفلات الموسيقية  في كل دورة من دوراته.

ويحتضن المعرض هذا العام الكثير من العناوين الجديدة في مجالات الأدب والفن والسياسة والثقافة والفكر، هذا إلى جانب الكتب العلمية والأكاديمية التي تستقطب طلاب المعاهد والجامعات من كافة مناطق كوردستان والعراق.

وتعتبر قلعة أربيل مركز هذه المدينة العريقة ونقطة تجمّع لسكانها وللمثقفين بشكل عام، فتضم عددا من المقاهي والأماكن التاريخية التي يتجمع حولها الأدباء والشعراء من الكورد والعرب.

تأثير معارض الكتاب

الكاتب الكوردي بهروز عثمان يصف مدينة أربيل بأنها مدينة ساحرة تجذب الأشخاص بسبب طبيعتها الهادئة والآمنة، مما يجعلها مكاناً مثالياً للإبداع والتفكير الثقافي. ويؤكد أن الحركة الثقافية في المدينة تشهد نمواً وتطوراً ملحوظاً، خاصة في السنوات الأخيرة مع تنظيم الملتقيات ومعارض الكتاب التي أثرت بشكل كبير في حياة سكان المدينة.

ويشير عثمان إلى أن الوعي المجتمعي المتزايد في أربيل قد أثر بشكل إيجابي على الحركة الثقافية، مما أدى إلى زيادة إنتاج الروايات والقصص والمؤلفات في مختلف المجالات الثقافية والعلمية، بما في ذلك علم الاجتماع والفلسفة والشعر والعلوم.

ويشدد عثمان على دور حكومة إقليم كوردستان في تقديم التسهيلات اللازمة لدعم الحركة الثقافية ونشاطها، وتوفير الدعم للمثقفين والأدباء من خلال تنظيم الملتقيات الشعرية والأدبية والمؤتمرات الثقافية بشكل مستمر.

حرية التعبير

آزاد محمد أمين، نقيب الصحفيين في إقليم كوردستان، يؤكد على حرية التعبير في مدينة أربيل، حيث يشير إلى عدم وجود تضييق على الكتاب والأدباء، وحرية الكتابة والتعبير عن الرأي دون مخاوف من السجن أو القيود. ويشدد على دور النقابات في حماية حقوق الكتّاب والصحفيين وتعزيز الحرية الثقافية والإبداعية.

ويشير إلى أهمية المعارض الدولية للكتاب في تعزيز التفاعل الثقافي بين الشعوب، ويؤكد على أن هذا التفاعل يساهم في إثراء الثقافة الكوردية من خلال تبادل الخبرات والتجارب الأدبية والفلسفية والاجتماعية مع الثقافات الأخرى.

ويضيف أن شارع الإسكان الشعبي في أربيل يشكل مركزاً حيوياً للتجمعات الثقافية، حيث يلتقي الأدباء والمثقفون والشعراء من مختلف القوميات والمكونات في المقاهي الشعبية، مما يعزز التبادل الثقافي والحوار بين الثقافات المتنوعة في المدينة.

وتضم أربيل قوميات مختلفة تعيش في المدينة، من الكورد والتركمان والعرب، وفيها العشرات من المراكز الآثرية.

وأشهر المقاهي الثقافية في أربيل هو، مقهى مه جكو والذي يزيد عمره عن 80 سنة، ولهذا فهو احد هذه المقاهي القديمة. ووفقا للروايات المتداولة فان هذا المكان كان يجمع رواة القصص ويغنون الاغاني التراثية.

ويشهد المقهى الآن نقاشات سياسية وثقافية، وبرغم ذلك يشعر كبار السن بالأسى لان المقهى خسر طابعه القديم مقابل الحداثة.

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

Scroll to Top