معرض أربيل الدولي للكتاب يتحوّل إلى منبر للكُتّاب الكُورد: منصة للهوية الثقافية وصوت الشباب الأدبي


أربيل / علي زيتو

في دورته السابعة عشرة، لا يبدو معرض أربيل الدولي للكتاب مجرد فعالية ثقافية سنوية فحسب، بل بات يمثّل فضاءً استثنائيًا تتقاطع فيه هويات الأدب، وتعلو فيه أصوات الكُتّاب الكُرد بشكل غير مسبوق. هذا التحوّل اللافت، الذي بات ملموسًا على مستوى الحضور والإصدارات والنقاشات الثقافية، أعاد صياغة المعرض كمنبر فعلي يحتفي بالأدب الكوردي المعاصر ويعطي فرصة نادرة للكُتّاب الكُورد الشباب لإثبات حضورهم.

تنوّع في الطروحات

المعروضات الكوردية هذا العام لم تقتصر على الرواية والشعر، بل شملت مجالات متنوعة مثل النقد الأدبي، التاريخ الكوردي، الفكر القومي، والهوية الثقافية. دور النشر الكوردية حرصت على تقديم أسماء جديدة إلى جانب أعلام بارزين، ما أضفى على المعرض طابعًا ديناميكيًا يعكس واقع الأدب الكوردي المتجدّد.

جهود لترسيخ الأدب المحلي

في جولة بين أجنحة المعرض، التقى فريقنا بعدد من ممثلي دور النشر الكوردية، الذين أكدوا أن هذا العام حمل زخمًا غير مسبوق في الإقبال على المؤلفات الكوردية:

آرام من دار لاله زار يقول: “نشارك بعدد كبير من العناوين هذا العام، معظمها لكُتّاب كورد. لاحظنا أن القرّاء يبحثون عن الكتب التي تتناول القضايا الراهنة مثل الهوية والتاريخ السياسي والثقافي. المعرض أصبح فرصة سنوية لتوسيع نطاق القرّاء باللغة الكوردية”.

وتقول بهار من دار رينوين: “نعمل على إبراز الكُتّاب الشباب. هذا العام خصصنا زاوية لأعمالهم، وقد فوجئنا بالإقبال على توقيعاتهم وندواتهم. الجيل الجديد يكتب بلغة ووعي مختلفين، وهذا مؤشر إيجابي لمسار الأدب الكوردي”.

وأما سامان من دار بختياري فيقول: “ندعم الكُتّاب الجدد ونسعى إلى تسهيل النشر لهم. نشرنا هذا العام مجموعات قصصية وشعرية جديدة لمؤلفين دون الثلاثين من العمر، وتم بيع نسخ كثيرة منها خلال الأيام الأولى للمعرض”.

أصوات كوردية شابة

لم يقتصر حضور الكُتّاب الكُورد الشباب على نشر أعمالهم، بل شارك العديد منهم في ندوات ولقاءات حوارية أثارت اهتمام الجمهور.

وتقول الكاتبة الشابة ژیان: “نشرتُ أول رواية لي هذا العام عن دار محلية، وكانت مشاركتي في المعرض بمثابة ولادة جديدة لي ككاتبة. القرّاء فاجأوني بإقبالهم وحديثهم عن الرواية، وهذا يدفعني للاستمرار رغم الصعوبات”.

ويقول هلبست (شاعر شاب) من السليمانية: “أكتب الشعر الحر باللغة الكوردية باللهجة السورانية. مشاركتي ضمن المعرض كانت أول تجربة لي أمام جمهور واسع. إنها لحظة فارقة لأي شاب يحاول أن يعبر عن نفسه بلغته الأم خاصة مع الاهتمام الكبير الذي نجده من قبل زوار المعرض».

جمهور يتفاعل ويدعم

اللافت هذا العام أيضًا هو الحضور الكثيف لجمهور من مختلف الأعمار والشرائح، مع تزايد إقبال الشباب على اقتناء الكتب الكوردية. الكثير من الزوار أعربوا عن سعادتهم بتنوّع الكتب الكوردية المطروحة وسهولة الوصول إلى المؤلفين مباشرة، سواء في حفلات التوقيع أو عبر جلسات النقاش.

الهوية الكوردية في قلب المشهد الثقافي

يشير الكثير من الزوار إلى أن الحضور المتصاعد للأدب الكوردي في المعرض يعكس حالة من النضوج الثقافي لدى المجتمع الكوردي، ويُعزّز الإحساس بالهوية واللغة في زمن العولمة. كما ساهم دعم المؤسسات الثقافية المحلية، وتعاون الجامعات والمراكز الأدبية، في إتاحة مساحة أوسع للكُتّاب الكُورد، خاصة الشباب منهم، لعرض إبداعاتهم بحرية.

وفي خلاصة المشهد يمكن القول إن معرض أربيل الدولي للكتاب تحوّل إلى منبرٍ حقيقي للأدب الكوردي، حيث يلتقي الكُتّاب والقرّاء في مساحة واحدة تُكرّس للغة، والهوية، والإبداع. ومع تنامي دور النشر المحلية وتزايد حضور الأصوات الشابة، يبدو أن الأدب الكوردي يسير بخطى واثقة نحو ترسيخ مكانته في الساحة الثقافية المحلية والإقليمية.

Scroll to Top