
أربيل / نور عبدالقادر
في اليوم التاسع من فعاليات معرض أربيل الدولي للكتاب، شهدت ساحات العرض توافدًا كثيفًا من الزوار على مدار النهار، حيث تجاوز عدد الكتب المعروضة خمسين ألف عنوان موزعة بين أجنحة دور النشر المحلية والعالمية.
لفتت انتباه المارة التصاميم المعمارية المتميزة للأجنحة، التي وفقت ما بين الطابع الكوردي الأصيل واللمسات العصرية المبتكرة.
تضاعفت مبيعات دور النشر هذا اليوم مقارنةً بالأيام السابقة، وخاصة في أقسام التاريخ الإقليمي والدراسات الثقافية، حيث شهد جناح دائرة الآثار والتراث في اقليم كردستان اقبالًا واسعًا على الكتيبات التي توثق المواقع الأثرية وقصص الاكتشافات في محافظة أربيل. كذلك حقق جناح «النشر العراقي الحديث» اقبالًا قويًا على إصدارات الأدب المعاصر، لاسيما الروايات والشعر والقصص القصيرة التي يكتبها جيل الشباب ويتناول فيها قضايا اجتماعية وسياسية بجرأة وإبداع.
على صعيد الندوات والجلسات الحوارية، احتضنت قاعة الأنشطة أكثر من ثلاثين جلسة وورشة عمل عززت الحوار بين الكتّاب والباحثين. تطرقت الجلسات إلى موضوعات مثل التحديات التي تواجه صناعة الكتب في المنطقة والتحول الرقمي وأثره على عادات القراءة، بالإضافة إلى ورش متخصصة في تقنيات الكتابة الصحفية والإعلام التفاعلي. أسهمت هذه الجلسات في تبادل الخبرات بين المشاركين وبناء شبكة مهنية بين الناشرين والكتاب والإعلاميين الحاضرين.
في إطار تعزيز الهوية الثقافية، عُقدت ندوة بعنوان «الثقافة السريانية: تعزيز الهوية ودورها في المشهد الثقافي»، أدارتها الباحثة السريانية فالنتينا يوارش هيدو، افتتح الندوة الدكتور ريكاردوس يوسف مؤكدًا أن الحفاظ على اللغة السريانية ونشر الأدب السرياني المعاصر هما أساس لإبراز التنوع الثقافي العراقي وإثراء المحتوى الفكري، داعيًا إلى دعم المبادرات والبرامج التعليمية في هذا الصدد.
ثم تناول الكلمة الدكتور كلدو رمزي، الذي استعرض تجربة ترجمة الأعمال السريانية إلى العربية والإنجليزية، مشيرا إلى التحديات اللغوية والحاجات التقنية لتوثيق المخطوطات القديمة. واختتمت الندوة، بالحديث عن أهمية التعاون بين دور النشر المحلية والدولية لتوسيع دائرة القرّاء وتشجيع الأجيال الجديدة على قراءة التراث السرياني.
على الصعيد الدولي، استقبل المعرض وفودًا رسمية من أكثر من اثنتي عشرة دولة بينها تركيا وإيران وسوريا والأردن ومصر وفرنسا وألمانيا. تركزت الزيارات على أجنحة النشر الكوردية والعراقية، حيث بحث الزائرون إمكانية توقيع اتفاقيات تبادل ثقافي وترجمة الأعمال الأدبية إلى لغات أخرى، فيما شهدت لقاءات ثنائية أولية بين دور نشر عراقية وأجنبية لبحث شراكات مستقبلية في مجالات الإنتاج والتوزيع.
ولم يغب عن الحدث العنصر الأسري والشبابي، فامتلأت ساحات القراءة والركن المخصص للأطفال بالعائلات التي حرصت على إدخال أبنائها في مسابقات ثقافية للروايات والقصص القصيرة. كما حرص الطلاب على حضور جلسات الورش وندوات البحث العلمي، التي شهدت مشاركة أساتذة الجامعات في عرض ورقاتهم ومناقشة مشاريع بحثية، ما أسهم في فتح آفاق لمنح دراسية وبرامج تبادل أكاديمي مع مؤسسات عربية وعالمية.
مع اقتراب اليومين الأخيرين، ارتفعت التوقعات حيث أن معرض أربيل الدولي للكتاب قد رسخ مكانته كحدث ثقافي رائد يجمع بين أصالة التراث وروح الحداثة، ويقدّم منصة معرفية ومهنية للناشرين والكتاب والباحثين والزوار على حد سواء، مواصلاً دوره الفاعل في دعم صناعة الكتاب وتعزيز الحوار الثقافي داخل العراق وخارجه.