
أربيل / علي زيتو
في زوايا معرض أربيل الدولي للكتاب بدورته السابعة عشرة، لم تعد المقاهي مجرد محطات للراحة أو تناول القهوة، بل تحولت إلى منصات غير رسمية للحوار وتبادل الرؤى، حيث اجتمع المثقفون والكتاب والقراء الكورد في مشاهد تُضفي على المعرض روحًا حوارية وثقافية نابضة بالحياة.
فضاء مفتوح للنقاشات الجادة
تجلس مجموعات من الشباب والمثقفين قرب فناجين القهوة ودفاتر الملاحظات والكتب المفتوحة، يدور بينهم نقاش عن الرواية الكوردية، الهوية الثقافية، وواقع النشر. وبعيدًا عن القاعات الرسمية للندوات، يجد كثيرون في هذه الزوايا غير الرسمية مجالًا أكثر عفوية وعمقًا للتعبير عن آرائهم.
الزوار: هنا تبدأ صداقات فكرية
يقول سامان حسن، طالب ماجستير في الأدب الكوردي: “في كل زيارة للمعرض، ألتقي أشخاصًا لم أكن أعرفهم من قبل، لكننا نتبادل الأفكار والكتب والنقاشات وكأننا أصدقاء منذ زمن. المقهى هنا ليس فقط للاستراحة، بل هو امتداد للمعرض ذاته”.بينما تشير دلڤین نجم، كاتبة شابة من دهوك، إلى أن هذه اللقاءات غير الرسمية قد تكون أكثر تأثيرًا من الفعاليات الرسمية، وتقول: “في إحدى الجلسات، قدّم لي أحد الحاضرين كتابًا غير متوفر في المعرض، فقط لأنه وجدني مهتمة بموضوعه. هذه الروح من التبادل لا تجدها في مكان آخر”.
حضور لافت للجيل الجديد
ما يلفت النظر هذا العام هو كثافة حضور الشباب، وخصوصًا طلبة الجامعات، في تلك اللقاءات العفوية. يتحدث بعضهم عن مشاريع كتابة، والبعض الآخر يسأل عن دور نشر تستقبل مخطوطات، وكل ذلك يتم على طاولات المقاهي التي باتت، كما وصفها أحد الحاضرين، “ندوات مصغّرة بلا ميكروفونات”.
رغم أن المكان مقهى، إلا أن حضور الكتاب فيه طاغٍ. فبعض الزوار يأتون للمقهى وكتبهم في أيديهم، والبعض يناقش محتوى كتاب اشتراه للتو. يصف الصحفي ئاوات عمر هذه الظاهرة قائلًا:
“حتى طريقة إمساك الكوردي للكتاب هنا، فيها احترام خاص، وكأن الكتاب صديق يجب أن يُعامل بلطف.”
يتضح من خلال هذه المشاهد أن معرض أربيل الدولي للكتاب لم يعد فقط فضاء لبيع الكتب، بل أصبح مناسبة ثقافية متكاملة، تتقاطع فيها المعرفة مع العلاقات الإنسانية، والحوار مع لحظات المتعة، وكل ذلك على أنغام فناجين القهوة الكوردية الثقيلة.