هل تتيح المكتبات استعارة الكتب؟ وهل أسعارها في متناول جميع الفئات الاجتماعية؟

أربيل / نور عبدالقادر

في ظل التحديات الاقتصادية والاجتماعية التي تعيشها العديد من الدول، تبرز مسألة الوصول إلى المعرفة والكتاب كقضية جوهرية في المجتمعات. فمع ارتفاع تكاليف المعيشة وتراجع القدرة الشرائية، بات من المهم التساؤل حول مدى توفر الكتب للجميع، سواء من خلال استعارتها من المكتبات أو شرائها بأسعار مناسبة.

تُعتبر المكتبات العامة والجامعية حول العالم من أهم مصادر المعرفة المجانية وشبه المجانية، إذ توفر مساحة آمنة ومريحة للقراءة، والاطلاع، والبحث العلمي. وفي الوقت الذي قد لا تكون فيه خدمات الإعارة متاحة في كل الأماكن أو بالمستوى المطلوب، إلا أن وجود هذه المؤسسات بحد ذاته يشكّل داعمًا مهمًا للطلاب، والباحثين، ومحبي المطالعة.

يقول إيلي صفير، وهو مسؤول في إحدى دور النشر في لبنان، إن الواقع الثقافي يفرض على الجهات المعنية إيجاد حلول بديلة لتيسير الوصول إلى الكتب. ويضيف: “ليست كل المكتبات تتيح استعارة الكتب، لكن من المهم أن توجد مساحة للقراءة والاطلاع داخلها. بعض المؤسسات التعليمية أو الثقافية توفر هذه الخدمة، وغالبًا ما تُستَغل بشكل جيد من قبل المهتمين”.

ويتابع صفير: “من ناحية أخرى، أسعار الكتب قد تكون مرتفعة في بعض الأحيان، وذلك بسبب التكاليف العالية المرتبطة بعملية النشر، من كتابة وتحرير وتصميم وطباعة، هذا الجهد الضخم ينعكس حتمًا على السعر النهائي للكتاب، ومع ذلك، فإننا كدور نشر نحاول دائمًا أن نُبقي الأسعار ضمن النطاق المعقول، حتى بعد الخصومات، ونضع في اعتبارنا قدرة القارئ، خاصة حين يكون الهدف هو نشر الثقافة وليس الربح فقط”.

تسعير الكتب، وفقًا لصفير، يتم بعد دراسة متأنية تأخذ في الحسبان الفئات الاجتماعية المختلفة، من طلاب ومثقفين وقرّاء من خلفيات متنوعة، ويؤكد أن الكثير من دور النشر لا ترد أي قارئ بسبب العوائق المادية، بل تسعى إلى التفاعل بمرونة مع الزوّار وتقديم خيارات متعددة تناسب الجميع.

أما عن طبيعة الاهتمامات القرائية، فيشير إلى أنها تتنوع بشكل كبير: “البعض يطلب كتبًا سياسية، وآخرون يميلون إلى الثقافية أو الدينية، وهناك شريحة واسعة من عشاق الروايات والأدب، وهذا التنوع يُظهر أن هناك رغبة حقيقية لدى الناس في المطالعة، وهو أمر مبشّر رغم التحديات”.

ويختم صفير بالقول: “الثقافة ليست ترفًا، بل حاجة أساسية في حياة الأفراد والمجتمعات، نحن نؤمن أن الكتاب قادر على إحداث تغيير حقيقي في العقول والقلوب، ولهذا نعمل على تسهيل وصوله للجميع، بكل الطرق الممكنة”.

من جهة أخرى، يرى بعض القرّاء أن القراءة الإلكترونية لا تُغني عن الكتاب الورقي، يقول أحدهم: “جربت القراءة عبر الهاتف والكمبيوتر، لكنها تفتقر للمتعة والتركيز الذي أجده حين أقرأ كتابًا ورقيًا بين يدي ملمس الورق ورائحته وتجربة التنقل بين الصفحات تمنحني شعورًا مختلفًا تمامًا”. هذه المقارنة تعكس استمرار التعلّق العاطفي بالكتاب الورقي، رغم التطورات التكنولوجية التي سهّلت الوصول إلى المحتوى الرقمي.

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

Scroll to Top