من كردستان “الجامع الكبير” في السليمانية.. تاريخ من العطاء والكرم

أربيل / المدى

بالرغم من أن جامع السليمانية الكبير يروي تاريخ وأصالة المدينة قديمًا، إلا أنه يعكس أيضًا كرم وسخاء أهالي السليمانية منذ العصور القديمة، وهي سمات تتوارثها المدينة مع تاريخها العريق.

يُعرف جامع السليمانية الكبير، أيضًا باسم مسجد الشيخ أحمد أو مسجد كاكا أحمد الشيخ، هو واحد من المساجد التاريخية في مدينة السليمانية القديمة بالعراق. يقع في قلب المدينة القديمة وسط الأسواق المزدحمة بالتجار والزوار، ويتميز الجامع بقاعته الرئيسية المخصصة للصلاة والعبادة، بالإضافة إلى قاعات مخصصة لتعليم أصول الدين كمدارس إسلامية، حيث يجتمع فيها العديد من الطلاب والراغبين في العلم والمعرفة، يمتد المسجد على مساحة تقدر بستة آلاف متر مربع، مكملاً بذلك مظهره الرائع كمعلم تاريخي مهم في المنطقة.

المسجد تم بناؤه من قبل الأمير إبراهيم باشا بابان في عام 1199 هـ / 1784 م، ويتميز بمناراته الكبيرة والعالية، ويُعتبر أول مسجد تأسس في مدينة السليمانية. يحتوي على مرقد الشيخ أحمد، ويضم أيضًا مرقد الشيخ محمود الحفيد، الزعيم الكردي الذي واجه الاحتلال الإنجليزي، مما يضفي عليه أهمية تاريخية وثقافية بارزة.

بعد سنوات من تأسيسه، تحول الجامع إلى بيت للفقراء والمتعففين واللاجئين وعابري السبيل، حيث يتجمع الفقراء في طوابير طويلة للحصول على وجبات طعام مكونة من الأرز والدجاج والمرق. زادت هذه المبادرة في العام 1820، عندما كان الشيخ أحمد، رجل الدين الكوردي المعروف، يشرف على الجامع في ظل أزمة اقتصادية ضربت المدينة، طلب من تجار السليمانية الإعانة في مساعدة الفقراء والمحتاجين. أسس بالتالي مطعمًا وألحقه بالجامع، وبدأ في تقديم الطعام بشكل منتظم للمحتاجين بشكل دائم.

واستمرت تلك العادة حتى اليوم، حيث يقدم الجامع خلال شهر رمضان وجبات إفطار لنحو 4 آلاف شخص من الفقراء والمحتاجين والمتعففين والنازحين وعابري السبيل واللاجئين، بغض النظر عن الانتماء الديني أو المذهبي أو العرقي. وفي الأيام العادية، يحضر الجامع طعام الغداء لنحو 1500 شخص ويتم توزيعه على المستحقين.

يؤمن الجامع ميزانيته الشهرية لشراء احتياجات المطعم من المواد الغذائية من تبرعات الناس والأثرياء والمتبرعين، وبالإضافة إلى ذلك، يشهد الجامع إقامة الحفلات والمناسبات الدينية التي تعزز التلاحم والتواصل في المجتمع المحلي.

تم بناء جامع السليمانية الكبير من اللبن والطين في البداية، ثم تمت إعادة بنائه في الأعوام 1940م، 1950م، و1968م، وتم استخدام الطابوق في بنائه مع الحفاظ على نفس هندسة وشكل بنائه القديم.

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

Scroll to Top