![D89A9175](https://erbilbookfair.com/wp-content/uploads/2025/01/D89A9175-1-1024x683.jpg)
أربيل / جنان قاسم
تميزت باحة معرض أربيل الدولي للكتاب في يومه الثالث بحضور نسوي ملفت، حيث ملأت بعضهن كراسي مسرح الندوات، ينصتن إلى المحاضرات والمناقشات، بينما كانت البعض الآخر يتجولن للبحث عن الكتب المنشودة. واستمتعت بعضهن بتوثيق لحظات الحدث عبر التقاط صور وثقنها أمام جداريات المعرض.
ترددت الأصوات النسائية في كل زاوية من معرض الكتاب، حاملة قصصاً ملهمة من العزيمة والإبداع. يشير صاحب المركز العربي للدراسات القانونية، أبو العرف، إلى أن «المعرض مليء بالنساء اللواتي يتسوقن كتباً ومقتنيات أدبية مختلف»، معتبراً أن حضورهن يساهم في نجاح الفعالية.
وفي الجهة المقابلة، تقف الشابة هيا، التي قدمت من محافظة كركوك، لزيارة معرض أربيل الدولي للكتاب، حيث قالت لمراسل (ملحق المدى)، إن «حلمي الكبير يتمثل في فهم أسرار الكتابة»، واستذكرت شيئا من طفولتها «كانت أمي تقرأ كثيرا عندما كنت طفلة، مما انبت في داخلي حب القراءة والاطلاع»، معبرةً عن حماسها الشديد لتواجدها اليوم بين مليون عنوان كتاب.
تابعت الشابة هيا بحماسها الكبير التجوال في أروقة معرض الكتاب، وهي تحمل الحصيلة الأولى من مقتنياتها الأدبية.
وفي جهة اليسار، كان هناك بوث صغير يجذب العديد من الزوار، حيث يبدو أن القطع الفنية في معرض الكتاب لها جمهورها الخاص. يقول كاك رايدار، متطوع في مؤسسة مصطفى الثقافية، «إن النساء يملأن المعرض، وهنا تبرز اللمسة الفنية للمرأة، حيث تساعدهن هذه الأعمال اليدوية على بناء ذواتهن». تقاطع كلام رايدار سيدة تسأل إحدى المشاركات عن قطعة فنية صنعت يدوياً بعناية فائقة، حيث يشير رايدار إلى أن «الكثيرين يعشقون الأعمال اليدوية مثل هذه»، ويضيف أن شراء مثل هذه القطع يساعد في دعم الفنانة ومساعدتها على استمرارية فنها وتوفير مصدر دخل لأسرتها.
وبالقرب منها، تجلس امرأة أمام طاولة مليئة بالكتب في إحدى المكتبات، وبينما تقلب ماريا صفحات كتاب أدبي بعناية، تعبّر قائلة: “كلما شاركت في معارض الكتب، أشعر بأنني جزء من شيء أكبر». ترفع ماريا صوتها قليلاً وتقول: “هذه فرصتنا كنساء لنقول إن لدينا صوت». تصف ماريا الشابة اليافعة التي تهوى الشعر والأدب، انها تحاول أن تصبح كاتبة، وذكرت أن: “الكتابة الشعرية هي محاولة للبوح بما في القلوب، للقلوب». ورغم أنها ما زالت تتجول اليوم ككاتبة، إلا أنها تطمح لتكون ضيفة معارض المستقبل، وكاتبة معروفة.
بعد التجوال قليلاً، وجدنا أربع فتيات يتنقلن بين موائد الكتب، متجولات من مكتبة لأخرى، يبدو عليهن أنهن يبحثن عن عناوين معينة. يرافقهن رجل مسن، وهو والدهن الدكتور والمؤرخ جزيل عبدالجبار، الذي يروج لتجربة معرض الكتاب كوسيلة لبناته لغرس حب المطالعة فيهن.
يقول عبدالجبار: “هؤلاء هم جيل المستقبل، وعلينا أن نشجعهن على حب الكتاب أكثر». وأثناء حديثه، ينظر الدكتور إلى موائد الكتب المعروضة، حيث لاحظ عنوانًا جعله يأخذ نفسًا، وابتسامة خفيفة تتسلل إلى وجهه، وقال: “هذه فرحة أن أرى كتباً كتبتها نساء»، وكان هذا الكتاب، قصة شهرزاد وألف ليلة وليلة، يحمل اسم امرأة أجادت كتابته وصنعت أحداثه المشوقة.
نساء يحملن أكياساً مليئة بالكتب، تجدهن في كل زاوية من معرض الكتاب في أربيل. الشابة فيان، على سبيل المثال، صار ما تحمله من أكياس كتب يثقل مشيها قليلاً، وهي تتجه لزيارة المزيد من المكتبات ودور النشر. “هذه الكتب هي معرفة». تقول وترفع الأكياس في يديها وتشير برأسها، مكملةً: “القراءة مهمة في حياتنا نحن النساء».
تحلم فيان بمستقبل أفضل للنساء في العراق، خاصةً مع وجود العادات والتقاليد التي تقيدهن وتهددهن بالعنف في بعض الأحيان، حيث ترى أن «التغيير الذي تنشده النساء سيأتي من خلال القراءة».
وتتابع «المجتمع الذي يقيد حرية المرأة ويحملها فوق طاقتها، ستتخلص منه يوما ما عبر العلم والمعرفة».
هذه الأصوات النسائية لم تكن مجرد صدى في أروقة المعرض، بل كانت دعوة لكل امرأة لتكون جزءًا من هذا العالم الرحب من الكتب والمعرفة، لتكتشف نفسها أكثر وتعرف ما تحمل روحها من قدرات عظيمة قادرة على تطوير المجتمع بأكمله وفرض حضورها واحتلال دورها الحقيقي في كل مكان. وفي ختام اليوم، كانت الرسالة واضحة: الكتاب هو بوابة للحرية والتحرر، ومشاركة النساء في معرض أربيل الدولي للكتاب تجسد هذه الحقيقة.