أربيل / المدى
ربما هناك ثقافة، كانت شبه سائدة في ان يعطي الكاتب جزءا من اصداراته بصورة مجانية للقراء او على الاقل الاصدقاء القريبين منه لكن سرعان ما بدأ الامر يقل والسؤال هنا عن هل ادى ذلك الى انتعاش سوق الكتب؟.
اعتاد عدنان ناظم، خلال الأعوام الماضية على زيارة معارض الكتب. كان يحصل دوماً من مؤلفي الإصدارات على نتاجاتهم بشكل مجاني، مثلا، كما يقول: كنت التقي بهم وهم يتجولون بين أجنحة الكتب فأقترب منهم وألقي التحية عليهم، ثم بعد حديث قصير يسرعون بإهداء كتبهم لي، «ولكن يبدو أن الأمور قد تغيرت الآن».
ويؤكد «حتى حفلات توقيع الكتب كان بعض أصحابها يقومون بتوزع الاهداءات بشكل مجاني لزوار المعرض»، مشيراً الى انه «مع تعاقب دورات المعارض صار للكتاب ثمن، ولم يعد إلاّ القليل من الكُتاب يقومون بإهداء مؤلفاتهم لمجتمع القراء بشكل مجاني».
الكثير من القراء، يقرون بتغيير نمط الحصول على الكُتب، وباتوا يشترون المؤلفات بدلاً من تجميعها بشكل مجاني من أصحابها، وهذا الأمر بنظر رحم سهم – وهو اكاديمي يقول «عدم الاستمرار بموضوعة الاهداء المجاني هو ثقافة جديدة تعيد هيبة الكتاب وقيمته الحقيقية».
ويضيف «إهداء الكتب بشكل مجاني ظاهرة غير صحيحة، بل أنها سلبية وتحط من أهميتها، وخاصة تلك الإصدارات المهمة التي ستذهب لأفراد لا علاقة لهم بالقراءة أو بمحتوى الصفحات، فنحن كبشر لا نؤمن في داخلنا بأهمية الشيء الذي نحصل عليه بسهولة ومن دون ثمن»، وفقاً لتعبيره، ومن هنا فإن «القارئ المعني» هو من سيحصل على الكتاب لأنه بحاجة إليه.
ويرى ان «هذا الأمر سينعكس على سلوكيات القراء أيضاً، وستتغير بوصلة القراءة وتتوجه نحو الكتب التي يُنظر إلى قيمة محتواها واستحقاقه، وهو ما سيكتشفه القراء وكذلك أصحاب دور النشر والمكتبات بعد مدة وجيزة».
فيما تؤشر تانيا رعد الى قضية مهمة، حيث تعتبر أن الكتب المهداة بشكل مجاني كانت من العادات السهلة لممارسة القراءة، فهي دوماً ما كانت تفضل المجاني على توفير قيمته المالية، «والمؤلف هنا لن يكون أبداً في أولويات اهتماماتي».
ولكن بعد تضاؤل حجم هذه الظاهرة مؤخراً، «فأن الأمور باتت جدية أكثر. لأن شراء الكتب يعني أن تكون لدي العديد من الخيارات، وأن الفرصة حتماً ستذهب للإصدار الجيد»، وفقاً لتعبيرها.
ثمة إجماع في معرض اربيل الدولي للكتاب على تزايد معدل شراء الكتب. ويتوقع بعض أصحاب دور النشر أن السبب ربما يعود إلى ثقافة بيع الكتاب بدلاً من اهدائه بشكل مجاني لزوار المعرض من القراء.
أما علي صلاح، 43عاماً، فيعتقد أن القارئ البعيد عن الوسط الثقافي ونخب الأدباء والكُتاب لم يعد يميز بين الكتب الجيدة والرديئة نتيجة ارتفاع معدلات الاهداءات المجانية.
ويقول علي، وهو من زوار المعرض، إن «صاحب المنجز المهم يضطر إلى توزيع إصداراته بشكل مجاني لكي تتسع مساحة الاطلاع عليها، خاصة عندما يلحظ أن كتبه لا تباع ولا تُشترى بسبب الكم الهائل من الإهداءات المجانية للكتب الرديئة».
ويضيف: لكن أصرار الكاتب الجيد على اهداء اصداراته مقابل ثمن يعيد فعل القراءة لمكانها الصحيح، ويسهم في التخلص من الإصدارات الضعيفة والرديئة.