أربيل / سيف الدين العبيدي
يواصل قراء مدينة الموصل زيارة معرض الكتاب في اربيل بشكل يومي ومنذ يومه الاول بشكل منفرد او على هيئة وفود، فالمعرض هو محطة اهتمام للعديد من الموصليين المهتمين بالكتب والعناوين ومنذ سنوات، وقرب المسافة بين اربيل وام الربيعين يمنحهم الذهاب والعودة باليوم ذاته، وقد زار المعرض يوم امس وفداً يضم اكثر من ١٠٠ شخص من مؤسسة تراث الموصل والمكتبة المركزية بجامعة الموصل ورصيف الكتب ومنظمة اليونسكو، من موظفين وطلبة وخريجين ومثقفين.
سلمى فاروق خريجة كلية الهندسة اوضحت انها زارت المعرض سابقاً في عام ٢٠١٩ ورأت ان هناك فرقا كبيرا عن اليوم في جانب زيادة عدد دور النشر وتنوعها من دول لم ترها من قبل مثل الاردن، إيران، تركيا، وبينت انها لاحظت ايضاً وجود دور ومكتبات عراقية جديدة لم ترها قبل ٥ أعوام.
وبينت ان اي قارئ سوف يلاقي ما يبحث عنه من كتب وقد لاحظت انتشار دور النشر بكثرة في مجال الكتب الدينية، الفلسفية، القصص والروايات، وكتب الأطفال.
وتابعت “قبل مجيئي للمعرض لم اضع بالحسبان اقتناء عنوان معين او البحث عن كتاب محدد وتركت الامر لما سوف يجذبني، وقد اقتنيت كتابا لعلي الوردي وكتبا باللغة الإنكليزية ورأيت العديد من الموصليين يتجولون بالمعرض وهو بالتأكيد يشكل محطة جذب لنا نحن القراء ، فالمسافة من الموصل الى اربيل تستغرق ساعتين وإمكانية زيارته بشكل يومي”.
همام طلال مدير مشروع استعادة مكتبة جامعة الموصل التابع لمنظمة اليونسكو بحديثه لـ(ملحق المدى) اوضح ان الزيارة جاءت بالتنسيق بين مؤسسات اليونسكو، تراث الموصل، مكتبة جامعة الموصل، ورصيف الكتب لزيارة معرض الكتاب في اربيل والاحتفال باليوم العالمي للكتاب الذي اقرته اليونسكو في ٢٣ نيسان من كل عام وذلك لإهمية الكتاب والقراءة وان الكلمة تعزز السلام في المجتمعات.
وبين ان الزيارة اتت للاحتفال بهذا اليوم من خلال شراء الكتب والاطلاع على كل ما هو جديد بالمعرض خاصة ان البعض منا لم يزر المعرض منذ توقفه بسبب جائحة كورونا وحتى عند عودته العام الماضي لم يتسن للبعض للحضور.
لكن هذا العام شاءت الظروف وكانت مناسبة جداً للقدوم للمعرض ونحن نتجول اليوم بين دور نشر عريقة بكل ما تقدمه من كتب ومصادر وعناوين تنمي افكارنا وتوعي الجيل الجديد.
ووصف أجواء المعرض بأنها رائعة وان الإقبال جيد رغم ان عدد القراء في المجتمعات قد انخفض لأسباب عديدة منها هيمنة الانترنت والكتاب الإلكتروني على عقول الكثير من الباحثين عن المعلومة.
ولفت الى انه بحث عن كتب باللغة الإنكليزية التي تدخل ضمن تخصصه في الترجمة ومنها كتب فاولو فيرير وكتب في المجال الإنساني باعتباره طالب دراسات عليا في تخصص بناء السلام، واكد ان جميع الكتب مهمة في كل التخصصات وتضيف للقارئ معلومات وتزيده ثقافة معرفية.
الكاتب والصحفي عبدالجبار الجبوري يقول خلال حديثه لـ(ملحق المدى) ان معرض اربيل للكتاب اصبح ظاهرة ثقافية على مستوى العراق والشرق الأوسط وذلك لما يمتلكه من مقومات للنجاح ومثلما نشاهده اليوم او في الاعوام السابقة عندما كنا نتواجد هنا ، واضاف ان ما يميز معرض اربيل هو تنوعه بدور النشر التي يستقطبها من محافظات العراق والوطن العربي والدول الاجنبية وكذلك استقطابه للجمهور النخبوي.
جمهور فعال ومتنوع في أفكاره وذوقه وتخصصاته هذا ما لاحظه الجبوري بزيارته ووصفه بالامر الرائع.
ويرى ان البرنامج الذي يقدمه المعرض جميل في تنوعه بالسياسة، الثقافة الادب، الفن، وان المحاضرات التي تقدم مهمة جداً وتأتي قيمتها من خلال الشخصيات والاسماء الثقافية المتواجدة فيها والمتخصصة سواء في القصة، الشعر، الأدب، الفن او غيرها ، وهذا كله يعزز في مخيلة المثقفين ان معرض اربيل حقق نجاحات مهمة من تنوعه وتجدده عن السنوات السابقة منها استقطاب اتحاد الادباء العام ودور نشر جديدة.
وتابع “ما شاهدته اليوم هو إضافة نوعية للثقافة العراقية من حيث كمية الإصدارات ودور النشر التي لم تشارك سابقاً وكذلك المحاضرات التي تقدمها إدارة المعرض ونقابة الصحفيين واتحاد الادباء ترقى الى العقل الحر المتفتح، وما اراه من ظاهرة ثقافية هنا نعتز ونفخر بها نحن العراقيين”.
واكد ان ارتال من المثقفين الموصليين اراهم يأتون للمعرض ومنذ اليوم الاول الذي تواجدت به شخصيات موصلية عريقة منهم المؤرخين د. احمد قاسم جمعة، هاشم الملاح، نجمان ياسين.
ويتمنى ان يكون مثل هذا المعرض متواجدا في الموصل، وبين انه طالب مع مثقفي ام الربيعين عدة مرات في السعي لإقامة هكذا محفل، وانهم يطرحون هذه الفكرة بشكل اسبوعي على المسؤولين في إقامة معرض نينوى الدولي للثقافة، واضاف انه يحمل وزير الثقافة ومحافظ نينوى المسؤولية لعدم متابعتهم للأمر وجعل ام الربيعين عاصمة للثقافة في العراق.
الباحث والتدريسي محمد الحبار تحدث لـ(ملحق المدى) بقوله انه يزور المعرض للمرة الثانية هذا العام فقد أتى الجمعة الماضية واليوم كذلك ويرى ان اسعار الكتب كانت مرتفعة في اول ثلاثة ايام لكنها بدأت بالانخفاض مع اقتراب نهايته للموسم الحالي.
وأضاف ان المعرض مميز بما يتواجد به من دور نشر وعناوين مختلفة، وأي كتاب يبحث عنه القارئ سيجده هنا، فالمكان يحمل اكثر من مليون كتاب، وكذلك موقع اربيل الجغرافي يتيح لقراء محافظات دهوك، نينوى، كركوك، السليمانية وحتى ديالى من التواجد فيه، ويتمنى ان يقام مثله في نينوى.
وشكر الحبار دار المدى في منح خصم بنسبة ٥٠٪ للطلبة على إصدارتها من خلال بطاقات خصم منحتها للزوار وهذا دليل على اهتمامها للقارئ اكثر من المال، حتى ان البطاقات لم تكفي جميع الحضور وذلك بسبب كثرتهم.
مسؤول رصيف الكتب صلاح الوراق اوضح لـ(ملحق المدى) ان هذه الزيارة اتت بتنظيم من قبل رصيف الكتب وللمرة الثانية في غضون اسبوع وبالتعاون مع مؤسسة تراث الموصل والمكتبة المركزية بجامعة الموصل ومنظمة اليونسكو وبين ان الزيارة اتت من دافع اهتمام الموصليين بالقراءة والقدوم للمعرض للبحث عن عناوين جديدة وكتب من عموم الوطن العربي لها تأثير على الشارع الثقافي الموصلي ، وانه سعيد و متفاجئ ومصدوم بذات الوقت وهو يرى الإقبال الكبير من الموصليين على المعرض، بالرغم من غلاء اسعار اغلب العناوين وهو يراه امرا اعتياديا قياساً بالارتفاع في الاسعار عالمياً للمواد الاولية ، وانه يجب تقبل ارتفاع أسعار الكتب ومن يريد اقتناء اي كتاب فهو لن ينظر الى سعره بقدر قيمته المعلوماتية.
وتابع الوراق “ان تنظيم هذه الرحلات يأتي على امل وسعي دائم في تنظيم معرض بنينوى يضاهي معرض اربيل ، والرحلة الاولى لرصيف الكتب ضمت اكثر من ١٨٠ شخصا اتيت بهم من ام الربيعين بواسطة الحافلات رغم مشقة الطريق وصعوبته بالمرور بالعديد من السيطرات والنقاط الامنية الا ان الزائرين تقبلوا الموضوع، وانصدمت من كميات الكتب التي اقتنوها وبحثهم على عناوين مختلفة وهي ابرز الحوافز على ضمان نجاح معرض نينوى للكتاب اذا ما حصل في المدينة مستقبلاً، واسعى الى تحقيق ذلك في إقامة معرض بأم الربيعين يكون صداه ليس فقط على مستوى العراق وإنما الوطن العربي ايضاً.
الامين العام للمكتبات بجامعة الموصل سيف الاشقر وصف الزيارة بأنها مليئة بالفرحة والبهجة على نفوس موظفي مكتبة الجامعة وان الجامعة تعتز بتواجدها في مثل هكذا محفل والدليل ان هذا العام تواجدت جامعة الموصل في جناح خاص لها ولأول مرة.
واكد ان الاهتمام بالكتب يغني النفس والروح بالمعرفة وان التواجد بهكذا محافل هو امر ممتع وان ترى المؤلفين والكتاب يوقعون على كتبهم للجمهور بشكل مباشر هي لحظة في غاية الروعة وتبقى في ذاكرة القارئ.
وأضاف الاشقر ان جميع أعضاء الوفد اقتنوا الكتب بمختلف عناوينها، ويرى ان الأسعار مناسبة فهناك المرتفع والمتوسط بالسعر، واشاد بوجود قسائم تمنح تخفيضات على اسعار الكتب ويراه انه امر مميز ولافت من قبل مؤسسة المدى.
مدير مؤسسة تراث الموصل ايوب ذنون في حديثه لـ(ملحق المدى) اوضح ان زيارة الوفد جاءت بمبادرة من قبل منظمة اليونسكو وبالتعاون مع مؤسسة تراث الموصل والمكتبة المركزية بجامعة الموصل ورصيف الكتب في إقامة رحلة ثقافية بمناسبة اليوم العالمي للكتاب.
واضاف انه رغم تقدم وهيمنة التكنولوجيا والاجهزة الإلكترونية والانترنت، فلا بد من الرجوع الى الكتاب وهذه هي الفكرة من الرحلة التي قطع فيها الوفد اكثر من ١٠٠ كم ، واكد ان معرض اربيل للكتاب هو محفل دوري وكبير ويساهم في احياء روح القراءة والكتب وبوجود دور نشر من داخل العراق وخارجه وهذا شيء مميز.