المكتبات في المنازل.. ضرورة حتمية لزرع بذور المعرفة في عقول الأسر

خالد محمد/ أربيل

يهتم الانسان في اذواقه الجمالية بوضع عناصر مهمة داخل منزله، لكونه المكان المقدس لنفسه وروحه وجسده، فهو يفعل المستحيل ليؤسسه كما يريد ويحب، يغلف جدرانه بألوان تريح نفسه وروحه، ويلصق الصور في زواياه، النباتات هي الأخرى تضيف تلك الأجواء التي تقربه من الطبيعة، لكن، تبقى للعقول الأولوية في نصب تلك الجماليات، وها هو الانسان يؤسسها بالمكتبات المنزلية.

واحد من الضروريات المهمة والتي لابد للآباء من الالتفات اليها هو وضع مكتبة في المنزل، وان كانت مكتبة بسيطة، فمن منا لا يتفق على أهمية وجود الكتب والمكتبات في المنازل، وللحديث عن هذا الموضوع كان زوار معرض أربيل الدولي للكتاب هم المستهدفون المهمون.

الأسرة ودورها

الدكتور سرمد احد هؤلاء، فهو أستاذ بروف بكلية الهندسة جامعة صلاح الدين حيث يوضح، ان «المكتبات حاجة مهمة وضرورية لتوجيه الأبناء للقراءة، ولابد من الابتعاد عن الأجهزة اللوحية وأجهزة الموبايل، وبالتعويد سيكون لديهم ملل من هذه الاجهزة، وذلك من خلال تشجيعهم على القراءة». مستدركا بحديثه، ان «لدي ابنتان وهما تحبان القراءة وخصوصا القصص، وأيضا قراءة المسرحيات، فهما تسألاني دائما عن ما اذا كنت اقرأ الكتب سابقا، او حتى ذلك الجيل عندما كنت بعمرهن، فاذكر لهن كنا نقرأ بنهم في السابق، ولدينا الكثير من المجلات، منها مجلة المزمار، وقد كبرنا ونحن نقرأ كبس واوليفر وبعدها انتقلنا الى شكسبير».

يضيف سرمد لـ(ملحق المدى)، ان «الأطفال أصبحوا يتغيرون ويتوجهون الى القراءة، ولابد من وجود وسائل لتشجيع الطلبة والابناء على القراءة، ليكون بين الطلبة في المدارس تبادل للكتب وما فيها من معارف ومعلومات، وتكون هنالك حلقات او ورش عمل لهذا الامر، وتكون بينهم نقاشات وتبادل أفكار لما قرأوا، مما يجعل الطالب يشعر بالفضول مع طالب اخر للتعلم والاطلاع والبحث عن المعلومة، وبمرور الأيام يكون للطالب كم معرفي كبير».

يتابع، انه «كما تعلمون ان الهدم يحتاج الى وقت قليل لكن البناء يحتاج الى وقت أطول، ولابد للآباء من ان تكون لديهم زاوية معينة للكتب، وان كانت بسيطة، وعليهم القراءة والاطلاع امام الأبناء فهو بحد ذاته تشجيع وتحفيز، فضلا عن الابتعاد عن الهاتف والتلفزيون»، منوها على، «اجتمع مع اولادي في كل عطلة نهاية أسبوع لنقرأ سوية، فنحن نقرأ القرآن الكريم وبعدها نأخذ كتابا معينا او قصة معينة لنقرأها».

يكمل «مهما كانت المكتبة بسيطة فهي شيء ضروري في البيت، وان كان الاب والام لا يقرآن، فاذا كان كذلك الاب فيرجع لسبب معين حدث معه في الحياة، فالأب والام لهما دورهما الأساسي لتشجيع أطفالهما على القراءة، فكل كتاب لم يأت من فراغ، فالمؤلف نقل خبرته وتجربته ووضعها في الكتاب، وحتى كتب الخيال فيها خبرة وموعظة، وفيها فلسفة معينة كتبها الكاتب، من بناء الفكرة الى الصراعات الى الاستنتاج، وكيف تطورت الفكرة في داخل الكتاب، اذ انك ستشعر بهذا الشيء عاما بعد اخر كلما واصلت القراءة، لان بناء الثقافة هو ليس بالشيء السهل».

تخطي الأزمات

أحد زوار معرض أربيل الدولي للكتاب بين ضرورة وجود المكتبة في المنزل، مؤكدا لـ(ملحق المدى)، انه «بدل ان يشتري الابوين أجهزة لوحية او هاتفا ذكيا للطفل، فمن الأفضل ان يقوما بوضع مكتبة في البيت لتثقيف النفس، وليستطيع الشخص من خلال الكتب زيادة وعيه المعرفي وادراكه، لنستطيع اجتياز الازمات من خلال الكتب».

يضيف، ان «البعض من الأشخاص لا يقرأون كتابا واحدا في السنة، الا أنك ستجد في بعض البلدان ان كل مواطن يقرأ ما يقارب من 10 الى 15 كتابا في السنة، وما هذا الا دليل الوعي المعرفي والثقافي، لذلك أتمنى من الشعب العراقي بكل مكوناته واطيافه وقومياته ان يقرأ، فمن خلال قراءة الكتب يكون لدينا فهم لتاريخنا ونتعرف على تاريخ بعضنا البعض، ونستطيع من اجتياز مشاكلنا وما نمر به من أزمات».

مفتاح النجاح

اما أسماء سعيد وهي من دار مدارات للنشر فقد اكدت، ان «أهمية وجود المكتبات في المنزل لا تختلف عن أهمية الطعام والشراب، اذ لابد من ان نستمر في التشجيع على القراءة»، مبينة، ان «المكتبات مهمة جدا واذا ما اردنا الحديث فسوف يطول الكلام عن أهمية المكتبة، حيث لابد من ان تكون شيئا أساسيا في المنزل لتثقيف وتشجيع الطفل على القراءة، ومجرد مشاهدة الكتب هي شيء ضروري، والاطلاع على الكتب أولا بأول، وهنا تجد العائلات يأتون بأطفالهم الى المعرض للاطلاع على اخر الإصدارات واحدث المطبوعات للمكتبات ودور النشر، لكون المكتبات في المنزل تبقى في ذاكرة الأطفال».

تضيف سعيد لـ(ملحق المدى)، ان «الكتب شيء ثمين، ومن يقرأ تجده ذا شخصية تختلف عن من لا يقرأ، فترى القارئ بعيدا عن القلق والعصبية، وبالأخص الطفل الذي يقرأ منذ الصغر، لكون القراءة والكتاب بشكل أساسي قد بنت شخصيته منذ الصغر، وهذه الأمور كلها ستكون كمفاتيح للنجاح ومستوى الطفل في المستقبل، ليكون يوما بعد اخر وشهرا بعد شهر متعودا على المطالعة وحب القراءة».

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

Scroll to Top