معرض أربيل الدولي للكتاب: زخم ثقافي وتفاعل جماهيري يعكس شغف القراءة في كوردستان

أربيل / علي زيتو

المعرض هذا العام يستضيف أكثر من 350 دار نشر من 22 دولة، ويعرض الكتب المتنوعة التي تشمل مجالات الأدب، التاريخ، العلوم، الدين، الفلسفة، التنمية البشرية، وكتب الأطفال، مما يجعله حدثاً ثقافياً سنوياً ينتظره القارئ الكوردي والعراقي بشغف كبير.

في جولة ميدانية داخل أروقة المعرض، تحدثنا إلى عدد من الزوار الذين عبّروا عن ارتياحهم الكبير لما وجدوه من تنوع في الكتب والمحتوى، وعبّروا عن أهمية استمرار هذا الحدث في تعزيز ثقافة القراءة.

سامان محمد، وهو شاب في الثلاثين من العمر من مدينة السليمانية، قال: “أنا من المتابعين الدائمين للمعرض منذ أكثر من عشر سنوات، وكل مرة أجد تطوراً في التنظيم وتنوعاً في العناوين. هذه السنة شعرت بأن التركيز على الكتب الكوردية كان أكبر، وهذا أمر يسعدني كثيراً. اقتنيتُ عدة كتب في الأدب الكوردي والرواية الحديثة، وبعضها لم يكن متوفراً في المكتبات المعتادة. أشعر بأن المعرض يعطي دفعة قوية للثقافة المحلية».

أما روناك جلال، وهي طالبة دراسات عليا من أربيل، فذكرت:

“الشيء الجميل في هذا المعرض هو أنه يجمع كتباً من ثقافات مختلفة في مكان واحد. تنوع الدول المشاركة منح الزوار فرصة الاطلاع على تجارب أدبية وفكرية من بلدان مثل مصر، لبنان، تركيا، إيران، وسوريا، وهذا ما يعزز الانفتاح الثقافي. اشتريت كتباً باللغة الكوردية وأخرى بالإنجليزية، ووجدت خصومات ممتازة أيضاً».

يُنظر إلى المعرض من قبل الكثير من المواطنين على أنه أكثر من مجرد مناسبة لشراء الكتب، بل كمنصة للتفاعل الثقافي بين الشعوب. وقد عبر شيروان نجم الدين، وهو موظف حكومي جاء مع أسرته من دهوك، عن ذلك بالقول:

“نحن ننتظر هذا المعرض كل عام، نعتبره عيداً ثقافياً. جئت مع أطفالي لكي أعرّفهم على أهمية الكتاب، بعيداً عن الموبايل والتكنولوجيا التي استحوذت على حياتنا. وجود كتب الأطفال بكثرة هذا العام كان أمراً رائعاً. اخترنا معاً عدة قصص مصورة وألعاب فكرية تعليمية”.

وأضاف: “أعجبني أيضاً وجود دور نشر من خارج كوردستان، لأن ذلك يعزز التواصل الثقافي. شاهدت كتباً مترجمة من الفارسية والتركية والعربية، واطلعت على أعمال جديدة لم أكن أعرفها. المعرض يفتح أبواب كثيرة للقارئ، ويشجع على بناء مكتبة منزلية متكاملة”.

في المعرض، يظهر جلياً الحضور الكثيف لدور النشر الكوردية، والتي باتت تتوسع عاماً بعد عام من حيث عدد العناوين وجودة الطباعة. وقد أثنى العديد من الزوار على هذا الجانب باعتباره دليلاً على تطور المشهد الثقافي المحلي.

تقول شيماء عثمان، معلمة لغة كوردية من رانية:

“ما أفرحني هو هذا الكم من الإصدارات الكوردية، هناك كتب لغوية، تعليمية، فلسفية وحتى روايات من تأليف شباب كورد. هذا تطور كبير، ويجب أن يستمر. اقتنيت كتباً جديدة لمؤلفين كورد شباب، وأتمنى أن تكون هناك مبادرات لترجمة المزيد من الكتب العالمية إلى الكوردية أيضاً”.

لا يقتصر المعرض على بيع الكتب فقط، بل يتضمن فعاليات ثقافية مصاحبة مثل الندوات، حفلات توقيع الكتب، وورش العمل. وقد أشار كاوان رزكار، وهو ناشط ثقافي من أربيل، إلى أهمية هذه الفعاليات قائلاً:

“المعرض هو فضاء فكري وثقافي من خلال هذه الفعاليات التي ستُقام وتعرفت على كتّاب جدد. هذه اللقاءات الثقافية تضيف قيمة مضافة وتخلق تواصلاً مباشراً بين القارئ والمبدع”.

يؤكد الإقبال الكبير على معرض أربيل الدولي للكتاب أن الكتاب لا يزال يحتفظ بمكانته بين الجمهور في كوردستان، رغم التحولات الرقمية المتسارعة. الزوار ينظرون إلى المعرض كمحطة سنوية لتجديد العلاقة مع المعرفة، وفرصة للتفاعل مع نتاجات فكرية وأدبية محلية وعالمية. وكلما اتسعت دائرة المشاركة، كلما زادت مسؤولية الجهات المعنية في دعم الكتاب والنشر واللغة الأم، لترسيخ مجتمع قارئ، واعي، ومنفتح على الثقافات.

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

Scroll to Top