
اربيل / نور عبدالقادر
في قلب الحراك الثقافي والاجتماعي، تبرز المرأة الكوردية والعربية كشريك فاعل في صناعة الوعي وتشكيل ملامح المستقبل، ومن داخل أروقة المعرض الثقافي، الذي يشهد حضورًا لافتًا للنساء من مختلف الأعمار والانتماءات، يتجسد هذا الحضور النسوي ليس فقط من حيث العدد، بل كقيمة حقيقية تسهم في إثراء الساحة الثقافية والاجتماعية برؤى وتجارب مؤثرة.
تؤكد الأستاذة الجامعية دلفين في حديث أجراه معها (ملحق المدى)، أن المرأة العراقية – سواء كانت عربية أو كوردية – أثبتت وجودها في مختلف ميادين الحياة، من المناصب القيادية إلى المؤسسات العلمية والأكاديمية، مرورًا بالمجالات الأدبية والفكرية. وتقول: “المرأة دقيقة ومنتظمة في كل مجال تخوضه، واليوم نراها حاضرة بقوة حتى في المعرض، حيث يبدو عدد النساء أحيانًا أكثر من الرجال، وهذا يدل على وعي متزايد واهتمام ملموس بالشأن الثقافي”.
وأضافت: “أفخر بكل امرأة عراقية ناجحة تركت بصمتها، ومثال على ذلك المعمارية العالمية زها حديد، التي يعرفها الجميع داخل العراق وخارجه”. وتؤمن دلفين بأن المرأة الواعية والمثقفة تعكس هذه الثقافة في تربية أبنائها، وتسهم في بناء مجتمع صحي وسليم. وتتابع قائلة: “المرأة نصف المجتمع، وتربي النصف الآخر”.
من جانبها، شددت الأستاذة الجامعية سوزّان، في حديث آخر لـ(ملحق المدى)، على أهمية القراءة بالنسبة للمرأة، خاصة في ظل طغيان التكنولوجيا ووسائل التواصل الاجتماعي، والتي باتت تستهلك وقت الكثيرين على حساب الثقافة. وتوضح: “المرأة التي تقرأ، وخصوصًا الأم، ستكون أكثر وعيًا وقدرة على تربية أطفالها بشكل صحي وسليم. القراءة متنفس نفسي وعقلي يمنحها القوة والتميّز”.
وترى سوزّان أن انشغالات الحياة اليومية قد تعيق بعض النساء عن ممارسة القراءة، لكنها تؤكد على ضرورة تخصيص وقت لذلك مهما كانت الظروف، وتضيف: “القراءة ليست خصمًا من وقت المرأة، بل نعمة تنير العقل والروح”. كما وجهت نصيحة للنساء بأن يكنّ قدوة لأنفسهن، دون الحاجة لاتباع نماذج جاهزة، واختتمت حديثها بالقول: “أنصح النساء بالقراءة، وأن يحببن بعضهن بعضًا، لأن المرأة سند لنفسها وللنساء”.
أما إيمان طاهر، المُدرسة التربوية، فأكدت لـ(ملحق المدى) أن للمرأة دورًا محوريًا في التعليم والتنشئة، كونها غالبًا المعلمة الأولى للطفل، سواء داخل الأسرة أو في المدرسة. تقول: “عقل الطفل في مرحلة الطفولة يكون طريًا، وكل فكرة أو سلوك يتلقاه في هذا العمر يترسخ في شخصيته لاحقًا، لذلك للمرأة دور كبير في تشكيل الأجيال”.
وترى إيمان أن المرأة اليوم تحظى بحقوق أكبر نسبيًا مقارنة بالماضي، إلا أن الطريق لا يزال طويلًا نحو تحقيق العدالة الكاملة. وتضيف: “المرأة تبني في البيت وتنتج في المجتمع، وتستحق كل التقدير والدعم لتواصل أداء دورها المزدوج بكفاءة”.
وفي ظل هذا المشهد المتكامل، تتجلى صورة المرأة الكوردية والعربية كمنارة للوعي، وصانعة للتغيير، وملهمة للأجيال. فهي التي تقرأ وتكتب وتربي وتُعلّم، وهي التي، رغم التحديات، تنسج مستقبلًا أكثر إشراقًا. وبين الكتب والحروف، تسطر المرأة اليوم فصولًا جديدة من النضج، والتمكين، والتقدم.