
أربيل / تبارك عبد المجيد
استضاف معرض أربيل الدولي للكتاب في دورته السابعة عشرة ندوة بعنوان “فواز طرابلسي والتجربة الترجمية”، شارك فيها الكاتب والمؤرخ اللبناني، الأستاذ الجامعي والصحافي المعروف، الدكتور فواز طرابلسي، وحاوره المترجم حسين عمر.
وفي تقديمه للضيف، وصف حسين عمر الطرابلسي بأنه “الشيوعي الوحيد (هنا إشارة الى عنوان كتاب للطرابلسي) الشاهد على ثورات بلا ثوار، والمصاب بأملٍ لا شفاء منه”، مؤكداً أن فواز طرابلسي كان دائماً في قلب التغيرات الكبرى التي شهدتها المنطقة العربية، وتأثر بشكل عميق بتطورات المشهد الدولي، مضيفاً: “هو الذي سار في الحياة عكس السير، والذي قال إن الديمقراطية ثورة”.
يُعد فواز طرابلسي من أبرز المفكرين في العالم العربي، حيث ألف نحو 30 كتاباً، بعضها معروض للتوقيع في أروقة المعرض. وقد ترجم العديد من الأعمال الفكرية والأدبية المهمة، كما ترأس تحرير عدد من الصحف والمجلات، وشغل مناصب أكاديمية كأستاذ مساعد وزائر في جامعات داخل لبنان وخارجه. ومن بين أعماله البارزة، روايته الشهيرة “عشرة أعوام هزت العالم”، التي تحظى باهتمام نقدي وجماهيري واسع.
استهل الدكتور فواز طرابلسي حديثه في الندوة بإجابة على سؤال ميسر الجلسة حول رؤيته للترجمة، وما إذا كانت لا تزال “غواية وهواية” كما صرّح سابقًا، قائلاً: “نعم، لا تزال الترجمة غواية بالنسبة لي، رغم أنني مارستها لفترات طويلة كمهنة فرعية. هذه الغواية لم تفقد بريقها، بل تزداد مع الوقت، ولم تتحوّل إلى احتراف وهذه ميزة، لأنها تبقي على الحماس والعلاقة الوجدانية بين المترجم والنصوص التي يعمل عليها”.
وعن بداياته مع الترجمة، أشار الطرابلسي إلى أن تجربته انطلقت منذ أيام دراسته الثانوية، حيث بدأ بترجمة النصوص من العربية إلى الإنجليزية، مستذكرا أولى محاولاته التي تمثلت في ترجمة قصيدة “حزن في ضوء القمر”، ثم تبعتها قصيدة سياسية للشاعر نزار قباني، أرسلها إليه بعد اكمالها.
وأضاف أن دخوله عالم الترجمة بشكل أكثر احترافًا جاء في سياق سياسي، حيث قام بترجمة نصوص تتعلق بالماركسية والاشتراكية، إضافة إلى أدبيات حركات التحرر الوطني والاجتماعي.
أكد الدكتور فواز طرابلسي في سياق حديثه أن “المترجم هو مؤلف آخر”، مشددًا على أن علاقته بالترجمة ظلت قائمة على الشغف أكثر من كونها مسارًا مهنيًا صِرفًا. وقال:
“أنا هاوٍ، ولست مترجماً محترفاً ولا أُطلق على نفسي صفة المترجم لمجرد أنني ترجمت 16 كتابًا. الترجمة بالنسبة لي شغف، وليست احترافًا، وأعتز بعلاقتي القديمة بالشعب الكوردي وبما بيننا من تضامن متبادل”.
وتطرق الطرابلسي إلى أزمة النشر في العالم العربي، معتبرا أن النشر يمر بأزمة حقيقية، وأضاف: “هناك أزمة نشر كبيرة في المنطقة العربية، ومن البديهي أن المبالغة في تصوير الأمور ليست صحية. ثمة من يقول إن العرب بدأوا يقرؤون على الكمبيوتر، وربما في ذلك بعض الحقيقة وهم يقرؤون ما هو مفيد”.
وعن رؤيته لدور المترجم، قال: “المترجم ليس مجرد ناقل للمعنى، بل هو شخص يعيش اللغة ويدرسها باستمرار. كفاءته تتطور مع تعمّقه في اللغة. وإذا كان الهدف الوحيد هو إنتاج نص يُقرأ كما لو كان مكتوبا باللغة الأصلية، فذلك يتطلب احترافية حقيقية”.
كما أشار إلى وجود كتب لا تصلح للترجمة، موضحًا أنه عرضت عليه أعمال فكر في ترجمتها، لكنه تراجع لأسباب لغوية، موضحا: “بعض الكتب تعتمد على بساطة مفرطة أو على تلاعب لغوي كثيف يجعل من نقلها إلى العربية غير مهم”.
وفي سياق حديثه عن واقع الترجمة في العالم العربي، عبر طرابلسي عن أسفه لغياب فئة واسعة من المترجمين المحترفين، قائلاً: “من المؤسف أننا لم ننجح في إنتاج عالم من المترجمين المحترفين، أو فئة واضحة من ذوي الاختصاص في هذا المجال”.
وأضاف أن معظم المترجمين في العالم العربي لا يعتاشون من الترجمة، بل يمارسونها كعمل ثانوي إلى جانب وظائفهم الأساسية، موضحا أن: “قسما كبيرا من المترجمين يمارسون الترجمة كهواية أو عمل جانبي، ولا يتقاضون أجورا تُمكّنهم من الاعتماد عليها كمصدر رزق رئيسي. وهذا ينعكس سلبا على جودة الترجمة وعلى تطورها كمهنة قائمة بذاتها”.