نقاش حول العلاقة بين الأخلاق والسياسة بعالمنا المعاصر في قاعة الندوات فياض: النفس الأخلاقي المدني في وقتنا الحالي يكاد يكون معدومًا


أربيل / زين يوسف

واحدة تلو الأخرى وبحضور كمي ونوعي تستمر الندوات في معرض أربيل الدولي للكتاب وهذه المرة احتضنت القاعة ندوة بعنوان الأخلاق والسياسة في عالمنا المعاصر، تحدث فيها د. عامر حسن فياض وحاوره د. علي الرفيعي.

تحدث فياض عن مفهوم الاخلاق والسياسة قائلا ان «السياسة اذا كانت عبارة عن نشاط وتفكير انساني يتصل بالسلطة السياسية، فالاخلاق هي أيضا نشاط انساني له هدف، واذا تابعنا المراحل التاريخية للعلاقة ما بين الاخلاق والسياسة نلاحظ بان الاخلاق هي أيضا نشاط انساني وهذا النشاط له غايات والغاية الأساسية هي ان يسلك الانسان سلوكا أخلاقيا لكي يصل الى السعادة الإنسانية في حين السياسة هي سلوك للوصول الى السلطة فالمسألة  سوف تعتمد على القابض على السلطة لان المسائل الأخلاقية هي مسائل تتعلق بالفرد قبل ان تتعلق بالجماعات».

وأضاف ان «الاخلاق لغويا كما قال ابن منظور هي العادة والأخلاق كعلم هو علم معياري، فعندما يتم السلوك الأخلاقي فهو يريد ان يميز بين ما هو جيد وما هو سيئ فالأخلاق هي معيار تمييزي، فاذا كانت الاخلاق معيارا تمييزيا فسنلاحظ ان العلاقة بين الاخلاق والسياسة ليست علاقة ثابتة، فعندما نقرأ افلاطون وارسطو وسقراط سنلاحظ بانهم اعتبروا الهدف من العمل الأخلاقي هو الوصول الى الفضيلة؛ والفضيلة هي قرينة العقل وليس الجهل فعلى هذا الأساس كانت الاخلاق متماهية مع كل الأعمال بما فيها العمل السياسي».

وأشار فياض ان «هنالك مرحلة بين الاخلاق والسياسة وهي مرحلة القطيعة، ففي هذه المرحلة أصبحت هناك اخلاق دينية واخلاق مدنية والأخلاق المدنية طغت عليها مسائل المصلحة ومسائل الربح والمنفعة لذلك كانت هناك قطيعة وقد يكون هناك تنازع ما بين الاخلاق الدينية والأخلاق المدنية، وفي زمننا المعاصر أصبحت العلاقة علاقة عدمية في العمل السياسي وهناك تصفير أخلاقي وحتى البعض من المفكرين المعاصرين اخذوا يؤكدون بانهم ينحتون لنظرية جديدة وهي نظرية الصفر الأخلاقي في العمل السياسي، ومؤشرات هذه العدمية نحن نعيشها وهي واضحة ونحن نتلمس في عالم السياسية اليوم بان هناك تلذذ وهناك قبول بالإبادة الجماعية لشعب وهذه مسألة تؤكد العدمية الأخلاقية».

وقال ان «الحديث عن الاخلاق يجعلنا نتحدث بمسائل تتمتع بثبات وليس بتغير متواصل وفيه شكل من اشكال الإطلاقية ففي السياسة التغيير هو الغالب والثبات بعيد عن السياسة، وعندما قلنا هناك تماهي بين الاخلاق والسياسة في الفترة الأولى فهذا لا يعني بان هذه المسألة مطلقة ففي نفس الفترة هناك تقاطع وهناك تمايز وربما في نفس الوقت هناك عدمية أخلاقية ولكن الغلبة في تلك الفترة للتماهي ما بين الاخلاق والسياسة والتي مصنعها كأخلاق هو العقل الارادي الإنساني وليس عقل خارج الإرادة الإنسانية».

ويكمل انه «في فترة العصور الوسطى لم يكن هناك من يقول ان هذه اخلاق مدنية وانما اخلاق دينية، اخلاق مقدسة ومصنوعة من الالهة وليست من صنع البشر وهذا لا يعني انعدام وجود اخلاق مدنية لكن الغلبة للأخلاق الدينية، وفي مرحلة أخرى فان العلاقة بين الاخلاق والسياسة كانت علاقة تنافسية ووصلت الى ان واحدا يريد الغاء الاخر بمعنى اخلاق دينية في صراع مع الاخلاق المدنية، فعندما يتحدث المدني بموضوع الديمقراطية او موضوع حقوق الانسان على سبيل المثال فهذا الحديث بطبيعته ومضمونه فيه نفس انساني حقيقي لكن في زمننا المعاصر الغلبة أصبحت لعدم الاخلاق وحتى النفس الأخلاقي المدني يكاد يكون معدوما».

Scroll to Top