
أربيل / علي زيتو
ضمن الفعاليات العلمية المصاحبة لمعرض أربيل الدولي للكتاب بدورته السابعة عشرة، أقيمت ندوة تخصصية بعنوان “الزراعة الذكية: الزراعة الدقيقة والذكاء الاصطناعي لإنتاج غذائي مستدام”، بمشاركة ثلاثة من الأكاديميين المتخصصين في مجال الزراعة والتقنيات الحديثة:
د. أرشد عبد الخالق ياسين، د. رێبین ئەسوەد میرزا، ود. هێمن عبد الخالق گەزنەیی، وذلك بحضور جمهور متنوع من الأكاديميين والمهندسين الزراعيين والمهتمين بالابتكار في المجال الزراعي.
الزراعة في عصر التحوّل التكنولوجي
افتتحت الجلسة بكلمة د. أرشد عبد الخالق ياسين، الذي تناول أهمية التحوّل إلى الزراعة الذكية باعتبارها أحد الحلول الفعّالة لمواجهة تحديات الأمن الغذائي في ظل التغيّرات المناخية.
وقال: “نحن بحاجة إلى الانتقال من الأساليب الزراعية التقليدية إلى أنظمة تعتمد على التحليل الدقيق للبيانات، من خلال الأقمار الصناعية والطائرات المسيرة وأجهزة الاستشعار. الذكاء الاصطناعي يمنحنا القدرة على اتخاذ قرارات زراعية أكثر دقة وأقل كلفة وأكثر استدامة».
وأضاف: “كوردستان تمتلك أرضًا خصبة وإمكانات كبيرة، لكننا بحاجة إلى بنية تحتية رقمية زراعية تُواكب العصر».
من جانبه، تحدّث د. رێبین ئەسوەد میرزا عن استخدام تقنيات الذكاء الاصطناعي في مراقبة المحاصيل، وإدارة الري، والتنبؤ بالآفات الزراعية.
وأوضح: “الذكاء الاصطناعي يساعدنا في تحليل كميات ضخمة من البيانات الزراعية، ما يمكّن الفلاح من معرفة متى يزرع، وكيف يروّي، ومتى يحصد، بناءً على توقعات دقيقة تقلل الهدر وتعزز الإنتاج”.
وأشار إلى أن تطبيق هذه التكنولوجيا يتطلب تعاونًا بين الجامعات، والمؤسسات الحكومية، وشركات التكنولوجيا، لتطوير حلول محلية تراعي طبيعة الزراعة في كوردستان.
أما د. هێمن عبد الخالق گەزنەیی، فقد ركّز في مداخلته على العلاقة بين الزراعة الذكية والاستدامة البيئية، مشيرًا إلى أن هذه الأساليب تقلل من استخدام المبيدات والأسمدة، وتساعد على الحفاظ على خصوبة التربة.
وقال: “الزراعة الذكية لا تعني فقط زيادة الإنتاج، بل تحسين نوعية الغذاء، وتقليل الأثر البيئي للنشاط الزراعي. وهذا أمر حيوي في ظل الضغوط البيئية المتزايدة”.
وشدد على أهمية دعم المزارعين بالتدريب والتقنيات الحديثة، وضرورة وجود رؤية ستراتيجية لتبني هذه النماذج في عموم كوردستان.
تفاعل الجمهور
شهدت الندوة تفاعلاً لافتًا من الحضور، وطرحت أسئلة حول إمكانية تطبيق الزراعة الذكية في المناطق الجبلية، والآليات العملية لتوفير التمويل والتقنيات، إضافة إلى دور الجامعات في دعم الأبحاث التطبيقية في هذا المجال.
أثبتت ندوة “الزراعة الذكية” في معرض أربيل الدولي للكتاب أن الثقافة لا تقتصر على الأدب والفكر، بل تشمل كذلك الإبداع العلمي والابتكار في خدمة المجتمعات. وفي وقتٍ يواجه فيه العالم أزمات غذائية ومناخية متزايدة، يبرز الذكاء الاصطناعي كأداة ضرورية لتحقيق التنمية الزراعية المستدامة، وبوابة واعدة نحو مستقبلٍ آمنٍ وغذاءٍ كافٍ لكل فرد.