
أربيل / تبارك عبد المجيد
ضمن فعاليات معرض أربيل الدولي للكتاب، واستكمالاً لسلسلة الندوات المتنوعة التي يحتضنها مسرح الندوات، أُقيمت ندوة حوارية بعنوان «دور النشر واهتمامها بترويج إصداراتها الإبداعية»، شارك في الندوة كل من الدكتور معتز عناد، الباحث والأكاديمي، والأستاذ محمد هادي، مدير دار الرافدين، فيما أدار الجلسة الأستاذ عماد الخفاجي.
تناولت الندوة أهمية التسويق الثقافي، والتحديات التي تواجه دور النشر في إيصال المحتوى الإبداعي إلى الجمهور، بالإضافة إلى ستراتيجيات الترويج الفعالة في ظل التحولات الرقمية المتسارعة.
وفي مداخلته، أشار أ. محمد هادي، مدير دار الرافدين، إلى أن المعضلة الأساسية التي تواجه النشر العربي لا تكمن في عملية إنتاج الكتاب، حتى عندما يتم وفق أعلى المعايير الفنية، بل في توزيع هذا الكتاب والترويج له. وأضاف: «إنتاج كتاب بمستوى جيد لم يعد تحديا كبيراً، لكن التحدي الحقيقي هو الوصول إلى القارئ، في ظل جمهور قراءة ضعيف ومناخ ثقافي غير مشجع».
وأوضح أن الترويج والإعلان يشكلان عنصرا أساسيا في نجاح الكتاب، إلا أن هذا الأمر يصطدم بواقع مؤلم، يتمثل في ضعف الإقبال العام على القراءة في العالم العربي. وقال هادي إن دور النشر العربية تطبع عادة ما لا يتجاوز 1000 نسخة من الكتاب كمتوسط، وهذه أرقام «محبطة وضعيفة»، بحسب وصفه.
كما تطرّق إلى صعوبة التعامل مع دور نشر أجنبية كمصدر للمحتوى، قائلاً: «عندما نرغب في شراء حقوق كتاب من الخارج، يُلاحظ الناشر الغربي أن معدلات الطباعة لدينا منخفضة، وأن الأسعار محدودة، ما ينعكس على طبيعة الاتفاق».
وأضاف أن بيع ألف نسخة خلال عامين يُعتبر نجاحا مقبولا في سوق النشر العربي، فيما تبقى الكتب التي تحقق رواجا واسعا أو تتحول إلى «ترند» حالات استثنائية، غالبا ما ترتبط بمشاهير أو «يوتيوبرز» لديهم قاعدة جماهيرية مسبقة.
وبين أن الترويج للكتب الثقافية، خاصة بين فئة الشباب، ليس أمرا سهلاً، مشيرا إلى نجاح بعض التجارب في المنطقة، مثل رواج كتب الفانتازيا في مصر.
ودعا إلى ضرورة تطوير أساليب التسويق والابتكار في طرق الوصول إلى القارئ العربي.
من جانبه، تطرق د. معتز عناد، الباحث والأكاديمي، إلى إشكالية تتعلق بحقوق الملكية الفكرية، مشيرا إلى أن الخلل في النشر العربي يبدأ من غياب التنظيم في طباعة وتوزيع الكتب. وقال: «أعتقد أن هناك مشكلة ينبغي تحديدها بدقة، فعند التجوّل في أي معرض كتاب نجد كتبا معروفة تمت إعادة طباعتها في أكثر من دولة ومن قِبل عدة دور نشر، وهو ما يخلق فوضى واضحة في حقوق النشر. على سبيل المثال، كتاب حضارة العرب وجدت اليوم خمس دور نشر تدعي ملكيته وتعيد طباعته دون توحيد مرجعية الحقوق».
وأكد أن بعض الأسماء المعروفة تتحايل، حيث تُطبع كتب دون الرجوع الى المصدر أو الحصول على موافقتهم المسبقة. وأشار الى ان الطباعة في الغرب لا تتم الى بموافقة صاحب الكتاب، حتى بعض الكُتاب الكبار الذين رحلوا، ترفض بعض دور النشر إعادة طباعة أعمالهم إلا بعد الحصول على إذن رسمي من ورثتهم، وهذا تصرّف يُحسب لها».
وتناول عناد جانب النشر الرقمي، حيث أشار إلى أن ملفات الـ PDF المنتشرة بشكل غير قانوني تُعد ظاهرة سلبية تؤثر على سوق الكتاب، لكنه في الوقت ذاته لفت إلى أن بعض المنصات الأدبية الجادة أصبحت تتيح الكتب مقابل دفع إلكتروني، ما يساهم في حفظ حقوق المؤلف والناشر، ويُضفي مصداقية على المحتوى.
كما نوّه إلى أن الشراء الإلكتروني أصبح خيارا مربحا في كثير من الحالات، قائلاً: “توجد دور نشر تتفق مع كتّابها على توفير الكتب عبر الإنترنت، ونحن نلاحظ أن هناك طلاب دراسات عليا يشترون كتبهم من تلك المنصات الرقمية، وتصلهم نسخ لا تتوفر حتى في بعض المعارض”.