“اللغة وعصر الهوية”.. ندوة تسلط الضوء على العلاقة بين اللسان والوجود


أربيل / المدى

شهدت قاعة الندوات في معرض أربيل الدولي للكتاب بنسخته السابعة عشرة ندوة فكرية مميزة حملت عنوان “اللغة وعصر الهوية”، ناقشت واحدة من أكثر القضايا حساسية وأهمية في السياق الثقافي الكوردي والعالمي، وهي العلاقة بين اللغة كوسيلة تواصل وهوية كينونية لشعوب تسعى إلى الحفاظ على وجودها الثقافي والسياسي في عالم سريع التغير.

شارك في الندوة كلٌّ من الأكاديمي والباحث د. أيوب سماقەيي، والكاتب واللغوي كاروان حەسەن هەورامی، بحضور جمهور من الأكاديميين والمثقفين والمهتمين بالشأن اللغوي والهوياتي.

افتتح د. أيوب سماقەيي حديثه بالتأكيد على أن اللغة ليست فقط وسيلة للتخاطب، بل هي الكيان الذي يحمل الذاكرة الجمعية والثقافة والهوية التاريخية للشعوب. وقال:

“اللغة الكوردية ليست مجرد نظام من الأصوات والكلمات، بل هي مخزن تاريخي وثقافي يعكس نضال شعب بأكمله. تراجع اللغة هو بداية تآكل الهوية”.

وأشار إلى أن التحديات التي تواجه اللغة الكوردية، لا سيما بين الجيل الجديد، تتطلب مواجهتها عبر سياسات تعليمية وثقافية تعزز من حضور اللغة في الفضاء العام.

من جانبه، شدّد الكاتب واللغوي كاروان هەورامی على أن الدفاع عن اللغة يجب أن يكون جزءاً من مشروع وطني شامل، وقال في مداخلته:

“في عصر العولمة والاندماج الثقافي، تصبح اللغة الكوردية في حاجة إلى حمايتها بوعي، عبر تطوير المناهج، ودعم الإعلام باللغة الأم، وربط اللغة بالحياة اليومية للناس، لا أن تبقى محصورة في إطار الشعر والتراث فقط”.

ودعا إلى استخدام التكنولوجيا الحديثة والأدوات الرقمية لتعليم اللغة ونشرها، وربط الهوية الكوردية بالمستقبل وليس فقط بالماضي.

شهدت الندوة تفاعلاً واسعاً من الحضور الذين شاركوا بمداخلات حول واقع اللغة الكوردية، والتحديات التي تواجهها، خصوصاً في المدن الكبرى، وفي ظل تنامي التأثيرات الثقافية الخارجية.

واختُتمت الندوة بعدد من التوصيات، أبرزها:

 • إدراج اللغة الكوردية في المناهج الدراسية بشكل أكثر حداثة وتفاعلية.

 • إنتاج محتوى إعلامي وثقافي رقمي باللغة الكوردية.

 • دعم المبادرات الشبابية التي تستخدم اللغة الكوردية في مجالات الإبداع والتواصل اليومي.

جاءت ندوة “اللغة وعصر الهوية” لتؤكد أن الحفاظ على اللغة ليس ترفاً فكرياً، بل هو دفاع عن الذات الجماعية في وجه ذوبان الخصوصيات، وأن للغة الكوردية، كما لكل لغة حية، دوراً مركزياً في صياغة مستقبل شعبها.

Scroll to Top