
أربيل / تبارك عبد المجيد
شهد معرض أربيل الدولي للكتاب جلسة خاصة حملت عنوان “قصة نجاح: مكتبة الموصل المركزية نموذجاً”، سلطت الضوء على التجربة الملهمة لمكتبة الموصل المركزية في النهوض من تحت الركام، بعد أن تعرضت لدمار شبه كامل خلال الحرب. استضافت الجلسة د. محمد جاسم محمد، الأمين العام للجامعة واستشاري فني لمنظمة اليونسكو، وأدار الحوار م.م شذى أحمد ذنون.بدأت ميسرة الجلسة حديثها قائلة: “نجتمع اليوم في رحاب معرض أربيل الدولي للكتاب، الذي يجمع بين عبق التاريخ ووهج المستقبل، لنتناول قضايا ثقافية مهمة ونستعرض رؤى تسهم في بناء جسور التعاون، وتفتح آفاقاً للعلم والمعرفة والتقدم”.ثم تحدثت عن دور مكتبة الموصل المركزية، قائلة: “تُعد المكتبة أحد أبرز الركائز الأدبية والثقافية في مدينة الموصل، إذ تمثل مصدراً غنياً للمعرفة، وفضاءً داعماً للبحث العلمي وتطوير مهارات الطلبة والأساتذة على حدّ سواء.لقد احتضنت عبر العقود آلاف العناوين والمراجع في مختلف التخصصات، وأسهمت بدور محوري في إثراء الحركة العلمية.”وأضافت:”رغم الدمار الواسع الذي طالها خلال الحرب، والذي شكل تحدياً كبيراً أمام مؤسسات التعليم العالي في المدينة، إلا أن قصة المكتبة كانت مثالاً حقيقياً على القدرة على النهوض من تحت الركام”.من جانبه، تحدث الدكتور محمد جاسم عن واقع المكتبة قبل عام 2014، قائلاً: “تحتفل الجامعة، عقب هذه الجلسة، بذكرى تأسيسها الخمسين.كانت المكتبة تضم أكثر من مليون مصدر، منها ستة الاف باللغة الإنجليزية، وما يقارب عشرة الاف كتاب مرجعي، إضافة إلى أكثر من سبعة آلاف مطبوع حكومي يعود إلى تأسيس الدولة العراقية عام 1921. لقد كانت بحق كنزاً عظيماً”.وأضاف: “كنا نوفر مصادر لا لطلبة وأساتذة الموصل فحسب، بل حتى من خارج العراق، إذ كان العديد من الباحثين يتواصلون معنا من بريطانيا ودول أخرى. وكان يزور المكتبة أكثر من ألف طالب سنوياً”.أما عن وضع المكتبة أثناء الحرب، فأوضح: “البنية التحتية للمكتبة المركزية تعرضت للدمار الكامل تقريباً، حيث تمركزت الجماعات الإرهابية داخل الحرم الجامعي، وأحرقوا المصادر التي لا تنسجم مع أيديولوجياتهم، كنا نسمع روايات كثيرة عن الأعمال المروعة التي ارتكبوها هناك. وأثناء عمليات التحرير، تعرضت المكتبة للقصف، ووصلت نسبة الدمار إلى نحو 98%”.وتحدث الدكتور محمد جاسم عن دور المؤسسات التعليمية في دعم مكتبة الموصل المركزية بعد الدمار، قائلاً “المكتبة المركزية حظيت بتعاطف كبير وردود فعل واسعة. كنتُ الأمين العام في عام 2014، وتلقيت العشرات من الاتصالات من داخل العراق وخارجه، يُبدون تضامنهم واستعدادهم لتقديم الدعم.انطلقت حملات للتبرع بالكتب والدعم المادي، وساهمت جامعات كثيرة في هذه المبادرات، منها جامعات بغداد، الكوفة، البصرة، وكذلك مؤسسة (عين الموصل) وعدد كبير من الجامعات الأجنبية.”وأضاف: “تلقينا أيضاً تبرعات مهمة من تجهيزات أساسية مثل الكراسي والمناضد، وكل هذه المساهمات كانت بمثابة لبنات أولى في رحلة إعادة الإعمار”.وأشار إلى أنه في عام 2018، بدأوا التركيز على الوصول الرقمي للمصادر، قائلاً: “بدأنا نبحث عن مصادر إلكترونية لتسهيل الوصول إلى المعرفة لطلبتنا وباحثينا، وتمكنا من خلال هذا التوجه من الحصول على دعم وتبرعات دولية إضافية. واليوم، تضم مكتبة الجامعة أكثر من 65 ألف طالب وباحث يستفيدون من خدماتها”.وتابع بالقول: “في ذلك الوقت، كانت الحملات الداعمة كبيرة ومؤثرة، أما اليوم، فقد أصبحت المكتبة تحفة نعتز بها، وواحدة من أبرز إنجازاتنا التي نفخر بها. لقد ساهمت فيها جهود جبارة وكانت أولوية لدى الجميع، لتعود المكتبة إلى مكانتها الطبيعية كرمز من رموز الثقافة والمعرفة”.