متابعة / المدى
أكد الكاتب المصري نبيل عبد الفتاح، المستشار في مركز الدراسات الستراتيجية والسياسية في مؤسسة الأهرام في القاهرة، والذي يزور إقليم كردستان للمرة الأولى، أن: «أبرز ما لاحظته هو شيوع الأمن في مدينة أربيل،
شعور الناس في الشوارع والأسواق وهنا في معرض أربيل الدولي للكتاب، واضح في وجوههم وهذه مسألة مهمة معناها ان هناك كفاءة من قبل حكومة إقليم كردستان في إدارة الإقليم، وقطعاً بعيداً عن الجوانب السياسية سواء أنت مع أو ضد هذا وذاك، أن نرى الأمن في حركة الناس أمر مهم في هذه المنطقة من العالم التي شهدت مراحل من الحروب والاضطرابات الساخنة».
وقال الكاتب المصري نبيل عبد الفتاح، الذي يشارك في المنهاج الثقافي لمعرض أربيل الدولي للكتاب بنسخته الـ15، حول الصورة النمطية التي رسمها عن إقليم كردستان والكرد قبل وصوله إلى أربيل: «إن الحركة القومية العربية والناصرية ثقفت الناس باتجاه أن العراق كيان موحد في ظل نظام البعث، وبالتالي فإن الفكرة التي كانت سائدة هي التوحيد القسري بناء على ستراتيجيات الدمج الداخلي وقائمة على أساس مطرقة القوة». مشيراً إلى أن: «هناك حقيقة مفادها أن المجتمع العراقي تعددي والكرد يشكلون نسبة كبيرة من العراقيين ولهم عاداتهم وتقاليدهم وثقافتهم وإبداعهم المميز، ولا بد أن يكون لهم تمثيل حقيقي في تركيب النظام السياسي كل ذلك ضمن نمط من التكامل الذي يعطي خصوصية سياسية وثقافية في إطار الدولة العراقية، وعندما حرموا من ذلك بقوة السلاح قامت الحركة الكردية التحررية التي لها قادة تاريخيون من أجل أن ينال الكرد حقوقهم القومية المشروعة.. هذه هي الصورة السياسية عن الكرد وهي مبنية على المنحى الأيديولوجي السائد في عالمنا العربي وفي مصر على وجه التحديد». مذكراً بأن: «هناك رموز كوردية ثقافية في مصر مثل الكاتب عباس محمود العقاد وأمير الشعراء أحمد شوقي، والكرد كانوا في قلب الثقافة المصرية، وهناك أكثر من 40 مفردة كوردية مستخدمة في اللهجة العامية المصرية».
ونبه المستشار في مركز الدراسات الستراتيجية والسياسية لمركز الأهرام في القاهرة إلى أن: «سياسات بعض الحكومات العربية في مراحل ما بعد الاستقلال قامت على محاولات إدماج بعض القوميات غير العربية في عالمنا العربي قسرياً، يعني أن الحركة القومية العربية أرادت إذابة هذه القوميات وإجبارها على الانضمام للقومية العربية، مثلما حدث هنا في العراق مع الكرد، ومع الامازيغ في دول عربية أخرى».
وكشف الكاتب المصري نبيل عبد الفتاح بأن: «الصورة التي أخذتها من خلال قراءاتي ومتابعاتي للحركة الكردية وأحزابها وقادتها التاريخيين، خلال زيارتي إلى إقليم كوردستان، وعلى وجه التحديد العاصمة أربيل واللقاءات مع بعض المثقفين الكرد، بأنني أمام ثقافة عميقة راسخة الجذور تحملها لغة وهوية قومية كوردية وهذه القومية تعرضت خلال فترات طويلة للهجوم ومحاولة تمزيقها لكن هناك هذا الإصرار على التوحد القومي بالرغم من أن الأوضاع والتوازنات الدولية والحروب والتهجير لم تتح لها التوحد كما يخطط الكرد في المنطقة». منبهاً إلى أنه من المهم «أن يكون هنا في أربيل معرض للكتاب حيث نشاهد وبوضوح وجود النتاج الثقافي والابداعي الكردي من خلال العدد الكبير لدور النشر الكردية، وان يكون الكتاب الكردي إلى جانب الكتاب العربي والفارسي والتركي والغربي، وهذه مسألة ايجابية مهمة».
ويقترح الكاتب المصري نبيل عبد الفتاح بأن: «تكون هناك المزيد من هذه الفعاليات، وأعني مهرجانات ثقافية تضم تخصصات متعددة في الفلسفة وعلم الاجتماع والاقتصاد وغيرها، عربية وكوردية في مدن إقليم كوردستان، فهذا مهم أيضاً لخلق الثقة والتواصل بين الثقافتين العربية والكردية ويقيم الجسور وردم الفجوات التي حدثت طوال الفترات الطويلة الماضية». لافتاً إلى انه: «بدون اقامة هذه الجسور بين الثقافات المتعددة في داخل العراق وكذلك في العالم العربي مع القوميات الاخرى لا نستطيع بناء مجتمعات متماسكة وهذا المعرض أحد هذه الجسور المهمة الذي يتيح الحوار بين الثقافات المختلفة ويزيل الصور النمطية المسبقة عن طريق آليات الحوار ولا بد للمثقفين من ان يتوحدوا ويعملوا ويؤثروا في المجتمع بهذا الاتجاه وتغيير الصورة التي غذتها السياسات المسبقة واساليبها القسرية في التعليم والتعريب والإعلام.. نعم اللغة العربية هي الاساسية في العالم العربي ولكن هذا لا يعني قمع بقية القوميات التي تتحدث لغات اخرى، يجب ان يشيع مبدأ التعايش السلمي بين المكونات وهذا ما لاحظته بوضوح هنا في أربيل».